فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الفتنة وهل سألت عنها رسول الله (١)؟
قال عليهالسلام : لما نزلت على النبيّ صلىاللهعليهوآله : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ)(٢) قال لي :
يا علي ؛ إن الله قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة بعدي كما كتب عليهم جهاد المشركين معي. فقلت : يا رسول الله ، وما الفتنة التي كتب الله علينا فيها الجهاد؟ قال : فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلّا الله وأني رسول الله ، وهم مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني! فتقاتلونهم على إحداثهم في دينهم وفراقهم لأمري واستحلالهم دماء عترتي.
فقلت له : يا رسول الله ، إنك كنت وعدتني الشهادة فسل الله تعالى أن يعجّلها لي!
فقال : قد كنت وعدتك الشهادة فكيف صبرك إذا خضبت هذه ـ وأومأ إلى رأسي ـ من هذه ـ وأومأ إلى لحيتي ـ؟
فقلت : يا رسول الله ، أما إذا بيّنت لي ما بيّنت فليس بموطن صبر لكنّه موطن شكر!
فقال : أجل ، فأعدّ للخصومة فإنك مخاصم أمتي.
قلت : يا رسول الله فأرشدني الفلج (في حجتي عليهم).
فقال : إذا رأيت قوما عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم ، فإن الهدى من الله والضلال من الشيطان ، والهدى هو اتّباع أمر الله دون الهوى والرأي ، وكأنك بقوم قد تأوّلوا القرآن وأخذوا بالشبهات ، واستحلوا الخمر بالنبيذ ،
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٥٦.
(٢) النصر : ١.