وفي خبر المفيد عن الثقفي قال : لما أدخل أبو ذر على عثمان تمثل شعرا : «لا قرّب الله بعمر وعينا» فقال أبو ذر : والله ما سمّاني أبواي عمرا ، ولكن لا قرّب الله من عصاه وخالف أمره وارتكب هواه!
وكان كعب الأحبار حاضرا فقام وقال له : يا شيخ! ألا تتّقي الله تجيب أمير المؤمنين بهذا الكلام؟
وكان أبو ذر يتكئ على عصا فرفعها وضرب بها رأس كعب وقال له : يا ابن اليهوديّين! ما كلامك مع المسلمين! فو الله ما خرجت اليهودية من قلبك بعد!
فقال له عثمان : والله لا جمعتني وإياك دار وقد خرفت وذهب عقلك! أخرجوه (١).
وروى الراوندي عن الصدوق عن القمي بسنده عن عكرمة عن ابن عباس قال : دخل أبو ذر عليلا متوكئا على عصاه على عثمان ، وقد حملت إليه من بعض النواحي مائة ألف درهم فهي بين يديه ، وحوله أصحابه ينظرون إليه ويطمعون أن يقسمها فيهم. فقال أبو ذر لعثمان : ما هذا المال؟
فقال عثمان : مائة ألف درهم حملت إليّ من بعض النواحي اريد أضمّ إليها مثلها ثم أرى فيها رأيي. فقال أبو ذر : يا عثمان ، أيّما أكثر مائة ألف درهم أو أربعة دنانير؟ قال عثمان : بل مائة ألف درهم.
قال : أما تذكر إذ دخلنا أنا وأنت على رسول الله صلىاللهعليهوآله عشيّا ، فرأيناه كئيبا حزينا ... فلما أصبحنا أتيناه فرأيناه ضاحكا مستبشرا! فقلنا له : بآبائنا وامهاتنا أنت ، دخلنا إليك البارحة فرأيناك كئيبا حزينا ، ثم عدنا إليك اليوم فرأيناك فرحا مستبشرا؟ فقال : نعم ، كان قد بقي عندي من فيء المسلمين أربعة دنانير
__________________
(١) أمالي المفيد : ١٦٤ ، م ٢٠ ، الحديث ٤.