وأما انفراد واحد واجتماع ثلاثة ؛ فإن الناس لما قتلوا عثمان فزعوا إلى عليّ فبايعوه طوعا وتركوا أباك وصاحبه ولم يرضوا بواحد منهما.
وأما قولك : إن معكم أما مبرورة! فإنّ هذه الامّ أنتم أخرجتموها من بيتها ، وقد أمرها الله أن تقرّ فيه فأبيت أن تدعها ، وقد علمت أنت وأبوك أن النبيّ صلىاللهعليهوآله حذّرها من الخروج وقال لها : «يا حميراء ؛ إياك أن تنبحك كلاب الحوأب» وكان ما رأيت!
وأمّا دعواك مشاورة العامة : فكيف يشاور من قد أجمع عليه؟! وأنت تعلم أن أباك وطلحة بايعاه طائعين غير مكرهين!
فقال ابن الزبير : باطل ـ والله ـ ما تقول يا ابن عباس.
أما الشورى : فلقد سئل عبد الرحمن بن عوف عن أصحاب الشورى فكان صاحبكم أخيبهم عنده! وما أدخله عمر في الشورى إلّا وهو يقرفه (يكرهه) وإنما خاف فتقه في الإسلام!
وأما قتل الخليفة ؛ فصاحبك كتب إلى الآفاق ... بيده ولسانه حتى قدموا عليه ، ثم قتله وهو في داره! وأنا (كنت) معه (عثمان) في الدار اقاتل دونه حتى جرحت بضعة عشر جرحا!
وأما قولك : إن عليا بايعه الناس طائعين ، فو الله ما بايعوه إلّا كارهين والسيف على رقابهم ، غصبهم أمرهم! فقال الزبير : يا ابن عباس ؛ دع عنك ما ترى.
قال ابن عباس : فقلت له : والله ما عددناك إلّا من بني هاشم في برّك لأخوالك ومحبّتك لهم ، حتى أدرك ابنك هذا فقطّع الأرحام! فقال الزبير : دع عنك هذا (١).
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٣١٧ ـ ٣١٨.