وما ذكر من التوهم جار فيه ايضا لان العمومات الدالة على حرمة الخبائث والفواحش وما نهيكم عنه فانتهوا يدل على حرمة امور واقعية يحتمل كون شرب التتن منها ، ومنشأ التوهم المذكور ملاحظة تعلق الحكم بكلى مردد بين مقدار معلوم وبين اكثر منه فيتخيل ان الترديد فى المكلف به مع العلم بالتكليف فيجب الاحتياط ، ونظير هذا التوهم قد وقع فى الشبهة الوجوبية حيث تخيل بعض ان دوران ما فات من الصلوات بين الاقل والاكثر موجب للاحتياط من باب وجوب المقدمة العلمية.
وتوضيح دفعه ان قوله اقض ما فات يوجب العلم التفصيلى بوجوب قضاء ما علم فوته وهو الاقل ولا يدل اصلا على وجوب ما شك فى فوته وليس فى فعله مقدمة لواجب حتى يجب من باب المقدمة فالامر بقضاء ما فات واقعا لا يقتضى إلّا وجوب المعلوم فواته من جهة ان الامر بقضاء الفائت الواقعى لا يعد دليلا الا على ما علم صدق الفائت عليه ، وهذا لا يحتاج الى مقدمة ولا يعلم منه وجوب شيء آخر يحتاج الى المقدمة العلمية ، والحاصل ان المقدمة العلمية المتصفة بالوجوب لا تكون الا مع العلم الاجمالى هذا.
ولكن المشهور بين الاصحاب رضوان الله عليهم بل المقطوع به من المفيد الى الشهيد الثانى انه لو لم يعلم كمية ما فات قضى حتى يظن الفراغ منها ، وظاهر ذلك كون الحكم على القاعدة وقد عرفت ان المورد من موارد جريان اصالة البراءة والاخذ بالاقل عند دوران الامر بينه وبين الاكثر كما لو شك فى مقدار الدين الذى يجب قضائه او فى ان الفائت منه صلاة العصر فقط او هى مع الظهر فان الظاهر عدم افتائهم بلزوم قضاء الظهر ، وكذا لو تردد فيما فات عن ابويه او فى ما تحمله بالاجارة بين الاقل والاكثر.
وربما يوجه الحكم (١) فيما نحن فيه بان الاصل عدم الاتيان بالصلاة الواجبة فيترتب
__________________
١ ـ يعنى حكم المشهور بوجوب القضاء حتى يعلم الفراغ ؛ وحاصله ان استصحاب