مقام التعارض فافهم ، وبما ذكرنا يظهر حال قياس ما نحن فيه على حكم المقلد عند اختلاف المجتهدين فى الوجوب والحرمة
ولكن الانصاف ان ادلة الاباحة فى محتمل الحرمة ينصرف الى محتمل الحرمة وغير الوجوب وادلة نفى التكليف عما لم يعلم نوع التكليف لا يفيد إلّا عدم المؤاخذة على الترك والفعل وعدم تعيين الحرمة او الوجوب وهذا المقدار لا ينافى وجوب الاخذ باحدهما نعم هذا الوجوب يحتاج الى دليل وهو مفقود فاللازم هو التوقف وعدم الالتزام إلّا بالحكم الواقعى على ما هو عليه فى الواقع ولا دليل على عدم جواز خلو الواقعة عن حكم ظاهرى اذا لم يحتج اليه فى العمل نظير ما لو دار الامر بين الوجوب والاستحباب
ثم على تقدير وجوب الاخذ هل يتعين الاخذ بالحرمة او يتخير بينه وبين الاخذ بالوجوب وجهان بل قولان يستدل على الاول بان دفع المفسدة اولى من جلب المنفعة لما عن النهاية من ان الغالب فى الحرمة دفع مفسدة ملازمة للفعل وفى الوجوب تحصيل المصلحة مصلحة لازمة للفعل واهتمام الشارع والعقلاء بدفع المفسدة اتم ، ويشهد له ما ارسل عن امير المؤمنين عليهالسلام من ان اجتناب السيئات اولى من اكتساب الحسنات ويضعف بان اولوية دفع المفسدة مسلمة لكن المصلحة الفائتة بترك الواجب ايضا مفسدة وإلّا لم يصلح للالزام اذ مجرد فوات المنفعة عن الشخص وكون حاله بعد الفوت كحاله فيما قبل الفوت عليه لا يصلح وجها لالزام شيء على المكلف ما لم يبلغ حدا يكون فى فواته مفسدة وإلّا لكان اصغر المحرمات اعظم من ترك اهم الفرائض مع انه جعل ترك الصلاة اكبر الكبائر
ثم لو قلنا بالتخيير فهل هو فى ابتداء الامر فلا يجوز له العدول عما اختار او مستمر فله العدول مطلقا (١) أو بشرط البناء على الاستمرار وجوه يستدل للاول بقاعدة
__________________
١ ـ اى ولو لم يبن على الاستمرار بل بنى على اختيار غير ما اختاره فى الواقعة الاولى وقوله على الاستمرار اى استمرار الاخذ بالحكم المختار ؛ ووجهه انه لو بنى عليه ابتداء ، ثم بدا له فعدل فانه وان خالف تدريجا إلّا انه ليس عن عمد اليها فلا قبح فيه