والحرام الاغلب الحرام الحلال والمرسل المتقدم اتركوا ما لا بأس به حذرا عما به البأس وضعفها ينجبر بالشهرة المحققة والاجماع المدعى فى كلام من تقدم ، ومنها رواية ضريس عن السمن والجبن فى ارض المشركين قال اما ما علمت انه قد خلطه الحرام فلا تأكل واما ما لم تعلم فكل فان الخلط يصدق مع الاشتباه ورواية ابن سنان كل شيء حلال حتى يجيئك شاهدان ان فيه الميتة فانه يصدق على مجموع قطعات اللحم ان فيه الميتة.
ومنها قوله (ص) فى حديث التثليث وقع فى المحرمات وهلك من حيث لا يعلم بناء على ان المراد بالهلاكة ما هو اثر للحرام فان كان الحرام لم يتنجز التكليف به فالهلاك المترتب عليه منقصة ذاتية وان كان مما يتنجز التكليف به كما فى ما نحن فيه كان المترتب عليه هو العقاب الاخروى ، وحيث ان دفع العقاب المحتمل واجب بحكم العقل وجب الاجتناب عن كل مشتبه بالشبهة المحصورة ولما كان دفع الضرر غير العقاب غير لازم اجماعا كان الاجتناب عن الشبهة المجردة غير واجب بل مستحبا ، وفائدة الاستدلال بهذه الاخبار معارضتها لما يفرض من الدليل على جواز ارتكاب احد المشتبهين مخيرا وجعل الآخر بدلا عن الحرام الواقعى فان مثل هذا الدليل لو فرض وجوده حاكم على الادلة الدالة على الاجتناب عن عنوان المحرم الواقعى لكنه معارض بها.
الثانى ما يستفاد من اخبار كثيرة من كون الاجتناب عن كل واحد من المشتبهين امرا مسلما مفروغا عنه بين الائمة عليهمالسلام والشيعة بل العامة ايضا ، بل استدل صاحب الحدائق على اصل القاعدة باستقراء مواردها فى الشريعة ، لكن الانصاف عدم بلوغ ذلك حدا يمكن الاعتماد عليه مستقلا وان كان ما يستشم منها قولا وتقريرا من الروايات كثيرة ، منها ما ورد فى الماءين المشتبهين خصوصا مع فتوى الاصحاب بلا خلاف بينهم على وجوب الاجتناب عن استعمالهما مطلقا ، منها ما ورد فى الصلاة فى الثوبين المشتبهين.