الصادرة من الاطباء او الموالى فان الطبيب اذا امر المريض بتركيب معجون فشك فى جزئية شيء له مع العلم بانه غير ضار له فتركه المريض مع قدرته عليه استحق اللوم وكذا المولى اذا امر عبده بذلك ، قلت اما اوامر الطبيب فهى ارشادية ليس المطلوب فيها إلّا احراز الخاصية المترتبة على ذات المأمور به ولا نتكلم فيها من حيث الاطاعة والمعصية ولذا لو كان بيان ذلك الدواء بجملة خبرية غير طلبية كان اللازم مراعات الاحتياط فيها وان لم يترتب على مخالفته وموافقته ثواب او عقاب والكلام فى المسألة من حيث قبح عقاب الامر على مخالفة المجهول وعدمه ، واما اوامر الموالى الصادرة بقصد الاطاعة فيلتزم فيها بقبح المؤاخذة اذا عجز العبد عن تحصيل العلم بجزء فاطلع عليه المولى وقدر على رفع جهله ولو على بعض الوجوه الغير المتعارفة إلّا انه اكتفى بالبيان المتعارف فاختفى على العبد لبعض العوارض ، نعم قد يأمر المولى بمركب يعلم ان المقصود منه تحصيل عنوان يشك فى حصوله اذا اتى بذلك المركب بدون ذلك الجزء المشكوك كما اذا امر بمعجون وعلم ان المقصود منه اسهال الصفراء بحيث كان هو المأمور به فى الحقيقة او علم انه الغرض من المأمور به فان تحصيل العلم بإتيان المأمور به لازم كما سيجيء فى المسألة الرابعة.
فان قلت ان الاوامر الشرعية كلها من هذا القبيل لابتنائها على مصالح فى المأمور به فالمصلحة فيها اما من قبيل العنوان فى المأمور به او من قبيل الغرض.
قلت يحتمل ان يكون حصول المصلحة منحصرا فى امتثاله التفصيلى مع معرفة وجه الفعل ليوقع الفعل على وجهه وهذا متعذر فيما نحن فيه لان الآتى بالاكثر لا يعلم انه الواجب او الاقل المتحقق فى ضمنه ، ولذا صرح بعضهم بوجوب تميز الاجزاء الواجبة من المستحبات ليوقع كلا على وجهه فلم يبق عليه (١) الا التخلص من تبعة مخالفة الامر المتوجه عليه فان هذا واجب عقلى فى مقام الاطاعة والمعصية ولو فرض عدم المصلحة فى المأمور به رأسا وهذا التخلص يحصل بالاتيان بما يعلم ان مع تركه يستحق العقاب والمؤاخذة فيجب الاتيان ، واما
__________________
ـ به إرشادا للمكلف الى تحصيل هذا الشيء بل كان هو المأمور به فى الحقيقة ، بدعوى تقبيح العقلاء مؤاخذة العبد على ترك الجزء المشكوك فى الاول (م ق)
١ ـ اى لم يبق على المكلف حين لا يعلم بحصول اللطف الا هذا (ق)