ظاهرا فلا فرق بين الحالة السابقة واللاحقة فى استقلال العقل بقبح التكليف فيهما لكون المناط فى القبح عدم العلم ، نعم لو اريد اثبات عدم الحكم امكن اثباته باستصحاب عدمه لكن المقصود من استصحابه ليس إلّا ترتيب آثار عدم الحكم وليس إلّا عدم الاشتغال الذى يحكم به العقل فى زمان الشك فهو من آثار الشك لا المشكوك
ومثال الثانى (١) ما اذا حكم العقل عند اشتباه المكلف به بوجوب السورة فى الصلاة ووجوب الصلاة الى اربع جهات ووجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين فى الشبهة المحصورة ففعل ما يحتمل معه بقاء التكليف الواقعى وسقوطه كان صلى بلا سورة او الى بعض الجهات او اجتنب احدهما فربما يتمسك (ح) باستصحاب الاشتغال المتيقن سابقا ، وفيه ان الحكم السابق لم يكن إلّا بحكم العقل الحاكم بوجوب تحصيل اليقين بالبراءة عن التكليف المعلوم فى زمان وهو بعينه موجود فى هذا الزمان. نعم الفرق بين هذا الزمان والزمان السابق حصول العلم بوجود التكليف فعلا بالواقع فى السابق وعدم العلم به فى هذا الزمان وهذا لا يؤثر فى حكم العقل المذكور اذ يكفى فيه العلم بالتكليف الواقعى آناً ما.
نعم يجرى استصحاب عدم فعل الواجب الواقعى وعدم سقوطه عنه لكنه لا يقضى بوجوب الاتيان بالصلاة مع السورة والصلاة الى الجهة الباقية واجتناب المشتبه الباقى بل يقضى بوجوب تحصيل البراءة من الواقع لكن مجرد ذلك لا يثبت
__________________
١ ـ اعلم ان قاعدة الشغل واستصحابه متحدتان من جهة ومفترقتان من اخرى ، اما الاولى فمن حيث احتياجهما الى يقين وشك ، واما الثانية فمن وجهين احدهما ان اليقين بتحصيل اليقين بالبراءة بخلاف استصحاب الشغل اذ لا بد فيه من ملاحظة وجود المتيقن بالتكليف فى آن ثم الشك فيه فى قاعدة الاشتغال علة تامة لحكم العقل فى السابق ، وثانيهما ان مؤدّى القاعدة وجوب تحصيل اليقين بالبراءة عن الشغل الثابت باى وجه اتفق بخلاف استصحاب الشغل لانه انما يدل على بقاء الشغل السابق واما وجوب الاتيان بما يحصل به البراءة فانما يدل عليه العقل بعد اثبات الشغل بالاستصحاب (م ق)