جهة العقل وحصل التغير فى حال من احوال موضوعه مما يحتمل مدخليته وجودا او عدما فى الحكم جرى الاستصحاب وحكم بان موضوعه اعم من موضوع حكم العقل ومن هنا يجرى استصحاب عدم التكليف فى حال يستقل العقل بقبح التكليف فيه لكن العدم الازلى ليس مستندا الى القبح وان كان موردا للقبح هذا حال نفس الحكم العقلى.
واما موضوعه كالضرر المشكوك بقائه فى المثال المتقدم فالذى ينبغى ان يقال فيه ان الاستصحاب لا يجوز العمل به للقطع بانتفاء حكم العقل مع الشك فى الموضوع الذى كان يحكم عليه مع القطع مثلا اذا ثبت بقاء الضرر فى السم فى المثال المتقدم بالاستصحاب فمعنى ذلك ترتيب الآثار الشرعية المجعولة للضرر على مورد الشك واما الحكم العقلى بالقبح والحرمة فلا يثبت الا مع احراز الضرر ، نعم يثبت الحرمة الشرعية (١) بمعنى نهى الشارع ظاهرا ولا منافات بين انتفاء الحكم العقلى وثبوت الحكم الشرعى لان عدم حكم العقل مع الشك انما هو لاشتباه الموضوع عنده وباشتباهه يشتبه الحكم الشرعى الواقعى ايضا إلّا ان الشارع حكم على هذا المشتبه الحكم الواقعى بحكم ظاهرى هى الحرمة
ومما ذكرنا من عدم جريان الاستصحاب فى الحكم العقلى يظهر ما فى تمسك بعضهم لاجزاء ما فعله الناسى لجزء من العبادة او شرطها باستصحاب عدم التكليف الثابت حال النسيان.
ويظهر ايضا فساد التمسك باستصحاب البراءة والاشتغال الثابتين بقاعدتى البراءة والاشتغال.
مثال الاول ما اذا قطع بالبراءة عن وجوب غسل الجمعة والدعاء عند رؤية الهلال قبل الشرع او العثور عليه فان مجرد الشك فى حصول الاشتغال كاف فى حكم العقل بالبراءة ولا حاجة الى ابقاء البراءة السابقة والحكم بعدم ارتفاعها
__________________
١ ـ اى فى الحكم الشرعى الذى لم يستند الى حكم العقل كما مر فى الشك فى الموضوع (شرح)