ظاهره مخالف للاجماع فانه يحكم بمقتضى اعتبار سنده بارادة خلاف الظاهر من مدلوله لكن لا دوران هناك بين طرح السند والعمل بالظاهر وبين العكس اذ لو طرحنا سند ذلك الخبر لم يبق مورد للعمل بظاهره بخلاف ما نحن فيه فانا اذا طرحنا سند احد الخبرين امكننا العمل بظاهر الآخر ولا مرجح لعكس ذلك.
بل الظاهر هو الطرح (١) لان المرجع والمحكم فى الامكان الذى قيد به وجوب العمل بالخبرين هو العرف ولا شك فى حكم العرف واهل اللسان بعدم امكان العمل بقوله اكرم العلماء ولا تكرم العلماء ، نعم لو فرض علمهم بصدور كليهما حملوا الامر بالعمل بهما على ارادة ما يعم العمل بخلاف ما يقتضيانه بحسب اللغة والعرف ولاجل ما ذكرنا وقع من جماعة من اجلاء الرواة السؤال عن حكم الخبرين المتعارضين مع ما هو مركوز فى ذهن كل احد من ان كل دليل شرعى يجب العمل به مهما امكن فلو لم يفهموا عدم الامكان فى المتعارضين لم يبق وجه للتحير الموجب للسؤال مع انه لم يقع الجواب فى شيء من تلك الاخبار العلاجية بوجوب الجمع بتاويلهما معا وحمل مورد السؤال على صورة تعذر تأويلهما ولو بعيدا تقييد بفرد غير واقع فى الاخبار المتعارضة وهذا دليل آخر على عدم كلية هذه القاعدة.
هذا كله مضاما الى مخالفتها للاجماع فان علماء الاسلام من زمن الصحابة الى يومنا هذا لم يزالوا يستعملون المرجحات فى الاخبار المتعارضة بظواهرها ثم اختيار احدهما وطرح الآخر من دون تأويلهما معا لاجل الجمع واما ما تقدم من غوالى اللئالى فليس نصا بل ولا ظاهرا فى دعوى تقديم الجمع بهذا النحو على التخيير والترجيح فان الظاهر من الامكان فى قوله وان امكنك التوفيق بينهما هو الامكان العرفى فى مقابل الامتناع العرفى بحكم اهل اللسان فان حمل اللفظ على
__________________
١ ـ هذا شروع فى بيان مخالفة القضية المشهورة اعنى اولوية الجمع من الطرح للنص والاخبار العلاجية وللاجماع (م ق)