بين المتعارضات المذكورة ان كانت نسبة واحدة فحكمها حكم المتعارضين فان كانت النسبة العموم من وجه وجب الرجوع الى المرجحات مثل قوله يجب اكرام العلماء ويحرم اكرام الفساق ويستحب اكرام الشعراء فيتعارض الكل فى مادة الاجتماع وان كانت النسبة عموما مطلقا فان لم يلزم محذور من تخصيص العام بهما خصص بهما مثل المثال الآتي وان لزم محذور مثل قوله يجب اكرام العلماء ويحرم اكرام فساق العلماء ويكره اكرام عدول العلماء فان اللازم من تخصيص العام بهما بقائه بلا مورد فحكم ذلك كالمتباينين لان مجموع الخاصين مباين للعام.
وقد توهم بعض من عاصرناه فلاحظ العام بعد تخصيصه ببعض الافراد باجماع ونحوه مع الخاص المطلق الآخر فاذا ورد اكرم العلماء ودل من الخارج دليل على عدم وجوب اكرام فساق العلماء وورد ايضا لا تكرم النحويين كانت النسبة على هذا بينه وبين العام بعد اخراج الفساق عموما من وجه ولا اظن يلتزم بذلك فيما اذا كان الخاصان دليلين لفظيين اذ لا وجه لسبق ملاحظة العام مع احدهما على ملاحظته مع الآخر وانما يتوهم ذلك فى العام المخصص بالاجماع او العقل لزعم ان المخصص المذكور يكون كالمتصل فكان العام استعمل فيما عدا ذلك الفرد المخرج والتعارض انما يلاحظ بين ما استعمل فيه لفظ كل من الدليلين لا بين ما وضع اللفظ له وان علم عدم استعماله فكان المراد بالعلماء فى المثال المذكور عدولهم والنسبة بينه وبين النحويين عموم من وجه.
ويندفع بان التنافي فى المتعارضين انما يكون بين ظاهرى الدليلين وظهور الظاهر اما ان يستند الى وضعه واما ان يستند الى قرينة المراد وكيف كان فلا بد من احرازه حين التعارض وقبل علاجه اذ العلاج راجع الى دفع المانع لا الى احراز المقتضى والعام المذكور بعد ملاحظة تخصيصه بذلك الدليل العقلى ان لوحظ بالنسبة الى
__________________
ـ انه مع رجحان احدها يقدم الراجح ثم تلاحظ النسبة بينه وبين الباقى ولم يتعرض بصورة عدم رجحان شيء منهما (م ق)