من جملة ما أفاده هو استناده في ذلك إلى دعوى انصراف الخطابات (١) بحال العلم بمتعلّقاتها ، واشتراطها بحكم العقل أيضا بذلك (٢) ، ولا يبعد أن يكون مراده من حال العلم حال إمكانه (٣) ، وكيف كان فلو فرض لدعوى الانصراف في المقام معنى محصّل (٤) ، وصلاحيّته للاختلاف باختلاف أحوال المكلّفين ، فلا يخفى ما فيها من الجزافيّة والغرابة.
__________________
(١) أوامر كانت أم نواهي ، نفسية أم غيرية.
(٢) بدعوى حكمه بقبح تكليف الجاهل كحكمه بقبح تكليف العاجز ، ولعلّ الحكم العقلي المذكور هو الوجه للانصراف المدعى ، فيكون من قبيل اقتضاء القرينة العقلية تقييد المطلق وصرف ظهوره الإطلاقي.
(٣) لعلّ هذا مستفاد من كلماته قدسسره في هذا المقام ـ كما يظهر بالمراجعة ـ ، وعليه فالخطب أهون ، فإنّ دعوى قبح توجيه الخطاب إلى من لا يمكنه العلم ليست بكلّ البعيد ، فيشبه خطاب العاجز الذي لا يمكنه الامتثال ، وهذا بخلاف دعوى قبح توجيهه إلى مطلق من لا يعلم فعلا وإن أمكنه العلم بالفحص والسؤال.
(٤) عبارة المقام تتضمن الردّ على دعوى الانصراف من وجهين : أحدهما المناقشة في أن يكون للانصراف المزبور معنى محصّل ، نظرا إلى أنّ مقتضاه اختلاف التكليف باختلاف أحوال المكلف علما وجهلا ، وصلاحيّة الانصراف لأن يتكفل مثل هذا الاختلاف غير واضحة ، كوضوح صلاحيّته للاختلاف باختلاف الأفراد ، والثاني أن الدعوى المذكورة ـ لو فرض لها معنى محصّل ـ دعوى جزافية لا وجه لها ولا شاهد عليها.