يرضى أن يفوت عند إمكان حصوله (١) يلازم العلم بعدم المعذوريّة على فرض المقدوريّة الواقعيّة ، وهذا (٢) هو مناط وجوب الفحص ، وكذلك الاحتياط أيضا فيما يجب فيه أحدهما (٣) المعيّن أو المخيّر مطلقا ، فإنّ مناطه في جميع ذلك هو ثبوت عدم المعذوريّة على
__________________
(١) وهذا لا ينافي ما تقدّم آنفا من إنكار استقلال العقل بلزوم إحراز الملاكات ، لاختصاص ذلك ـ كما عرفت ـ بما إذا لم يتوسّط خطاب ، ومفروض المقام توسّط الخطاب.
فإن قيل : المفروض الشك في فعلية الخطاب.
قلنا : نعم ، لكن العبرة في المقام بواقعة ، نظرا إلى العلم بتماميّة الملاك الملزم فيه ، فلا يستلزم الشك في الخطاب الشك فيه ، وفي مثله يكون الخطاب الواقعي على تقدير فعليّته متنجزا ، فلا يعذر بمجرد الشك ، للزوم إحرازه الملاك حينئذ إن أمكنه ، ومقتضاه لزوم الاختبار والفحص عن قدرته ، فإن تبيّن عجزه كان معذورا في فوات الملاك عنه ، نعم إذا كان الشك في الخطاب مستلزما للشك في الملاك ـ كما في غير المقام ـ فلا علم به حينئذ ليجب تحصيله ، إلاّ إذا قام الدليل على وجوب الاحتياط لإحراز الواقع.
ومن جميع ذلك يظهر بطلان دعوى جريان البراءة في المقام باعتبار كونه من الشك في التكليف ، فلاحظ.
(٢) مرجع الإشارة هو العلم بعدم المعذوريّة ـ المذكور.
(٣) الفحص أو الاحتياط ، فما يجب فيه أحدهما مخيّرا فكالشبهات الحكميّة الكليّة قبل الفحص في الأدلة وبعض الشبهات الموضوعية كالاستطاعة ونحوها والشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ، وما يجب فيه الاحتياط معيّنا فكالشبهات الحكميّة والمقرونة بالعلم مع تعذّر الفحص ، وما يجب فيه الفحص معيّنا فكالمقام.