__________________
مصلحة كان أو مفسدة ـ إنما هي ببلوغه مرحلة من القوّة والشأنيّة لا يتخلّل بينها وبين تحقّقه الغالبي خارجا ـ بحصول المصلحة أو الوقوع في المفسدة ـ سوى فعل المكلف ، فيصبح داعيا للجاعل إلى البعث نحو الفعل تحصيلا للمصلحة أو الزجر عنه تحذّرا من الوقوع في المفسدة ـ ولا يقدح تخلّف الداعي أحيانا ـ ولا يكاد يصل إلى هذه المرحلة إلاّ لدى وجود موضوعه لا قبله ، ويزيد ذلك وضوحا مقايسة العلّة الداعية إلى النهي عن فعل بالصارف النفسي الرادع لفاعله عن فعله ، فكما أنّ الرادعيّة الفعليّة عنه لا تكون إلاّ مع وجود الموضوع ، كذلك الداعويّة الفعليّة إلى الردع عنه لا تكون إلاّ عنده ، وعلى هذا فمفسدة الإسكار ـ مثلا ـ لا تصل إلى المرتبة الآنفة الذكر لتدعو إلى النهي عن شرب الخمر إلاّ عند وجود الخمر ، هذا.
وفي كلامه قدسسره مواقع أخر للنظر : منها قوله قدسسره : إن امتثاله يكون بعدم إيجاد الموضوع خارجا أو بعدم إيجاد الفعل المتعلّق به بعد وجوده ، إذ يلاحظ عليه أن عدم إيجاد الموضوع ليس امتثالا لحرمة الشرب ، فلا مانع من إيجاده ثم لا يشرب ما أوجده ، وحرمة الإيجاد إن ثبتت فبدليل آخر ، وإلاّ فحرمة الشرب لا تقتضي حرمة الإيجاد ، وإلاّ لحرم إيجاد النجس لمكان حرمة تناوله.
ومنها قوله قدسسره : ومن هنا يعلم أنّه إذا علم المكلّف من حاله أنّه لو أوجد الخمر لشربه ـ لا محالة ـ حرم عليه إيجاده ، وليس إلاّ لفعليّة التكليف قبل وجود موضوعه في هذا القسم ، إذ يناقش بأنّه ليس الوجه فيه ذلك ، بل وجهه أن إيجاده ـ والحالة هذه ـ تعجيز لنفسه عن امتثال