__________________
أقول : لا يخفى أنّ تصوير القسمين في الإيجابي يختصّ بما إذا كان المطلوب صرف الوجود كوجوب إكرام عالم ، إذ قد يفرض فيه دخل الموضوع في الملاك ، فلا ملاك للإكرام إلاّ عند وجود العالم ، فمع عدمه لا ملاك فلا تكليف بإكرامه ليقتضي إيجاده مقدمة ، وقد يفرض عدم دخله فيه ، فيكون ملاك الإكرام كوجوبه فعليّا وإن لم يوجد عالم ، بل يجب حينئذ إيجاده ـ إن أمكن ـ مقدمة لإكرامه ، كما يجب على المريض إيجاد الدواء مقدمة لشربه ، أمّا إذا كان المطلوب مطلق الوجود مثل ( أكرم العالم ) و ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) فيتعيّن كونه من القسم الأوّل ولا يتصوّر فيه الثاني ، بداهة امتناع إطلاق الأمر بالوفاء بجميع العقود ـ مثلا ـ بحيث يقتضي إيجادها ثم الوفاء بها ، هذا. وبما أن محطّ كلام المحقّق الجدّ قدسسره في المقام هو خصوص القسم الرابع ـ حسب تقسيمه ـ وهو التكليف المتعلّق بما له تعلّق بموضوع خارجي باعتبار مطلق وجوده ، فلا انتقاض عليه بموارد طلب صرف الوجود التي عرفت إمكان تصوير القسم الثاني فيها.
وأمّا التحريمي فقد ادعى قدسسره جريان القسمين فيه ، ومثّل للثاني بحرمة شرب الخمر قائلا : إنّ شربه فعل ذو مفسدة في نفسه ، وإنما وجود الخمر في الخارج من مبادئ تحقّق المفسدة ، فإذا قدر المكلف على إيجاده تعلّق النهي بإيجاده أو شربه بعد وجوده ، وفي مثله لا يكون وجود الموضوع شرطا في الفعليّة ، هذا. ويعني بكونه ذا مفسدة في نفسه أنّه ذو مفسدة مع قطع النظر عن وجود الخمر وعدمه.
وهذا محل تأمّل ، فإن فعلية الملاك وتماميّة داعويّته إلى الحكم