__________________
ملاك في نفسه ، لكنّ المصلحة اقتضت ترك تبليغه مطلقا أو لفترة ، فلم تتمّ فيه مبادئ فعليّته التامّة بتوجيهه إلى المكلف وبعثه أو زجره به ـ كما هو الحال عند بيان الأحكام تدريجا في صدر الإسلام.
ومنها ما بيّنه الشارع وبلّغه ، لكنّه اختفى عنّا البيان ولم يصل إلينا لموانع خارجية ، أو وصل بيان مجمل مشتبه المفهوم لأمور طارئة.
ومنها ما بيّنه ووصل إلينا من غير إجمال ، لكنّه اشتبه علينا موضوعه لاشتباه في الانطباق الخارجي.
وأمّا بحسب الإثبات فتارة يعلم سكوت الشارع وعدم صدور بيان منه ، واحتمل مع ذلك وجود التكليف الواقعي في المورد ، فكان أمره دائرا بين انتفاء التكليف واقعا وبين وجوده وانتفاء بيانه واقعا لمصلحة.
ولا ريب في حكم العقل فيه بالمعذورية وقبح العقاب عليه لكن بملاك يخصّه ولا يطرد في غيره ، وهو عدم كون التكليف فعليا متوجها إلى المكلفين رأسا لعدم تمامية مبادئ توجيهه إليهم وبعثهم إليه أو زجرهم عنه ـ وإن تمّت فيه مبادئ جعله وتشريعه في نفسه وكان له نحو وجود في علمه تعالى ـ إلاّ أنه لا أثر يترتب عليه ما لم يبلّغ ، وكان من قبيل الحكم الاقتضائي ، فشأنه شأن ما لو علم انتفاء التكليف فيه حتى لبّا ، والجامع هو العلم بانتفاء التكليف الفعلي المتوجه إلى المكلفين ، وقبح العقاب حينئذ يكون من السالبة بانتفاء الموضوع.
واخرى لا يعلم سكوت الشارع واحتمل بيانه واستناد جهلنا إلى اختفاء البيان عنّا وعدم وصوله ـ على ما هو عليه ـ إلينا للعوائق الخارجية ، فلم يصل بالمرة ، أو وصل على غير ما كان عليه بحيث أصبح مشتبه المفهوم