ولا بدّ في توضيحه من بيان أمرين : ـ
الأوّل (١) : إنّه بعد وضوح أنّ حقيقة المجعول في الأصول العمليّة هي البناء العمليّ على مؤدّياتها ، دون الثبوت الواقعيّ كما في باب الأمارات (٢) ـ ولذا يكون مثبتاتها حجّة دونها (٣) ، كما حقّق في محلّه ـ ، فلا يخفى أنّه كما لا فرق في الأثر العمليّ الذي لا بدّ في جريان الأصل من ترتّبه عليه بين أن يكون بحيث يرجع التصرّف الظاهريّ فيه (٤) إلى مرحلة توجّه التكليف وثبوته (٥) ، أو إلى ناحية
__________________
وفي ( بهذا الأصل ) للتعدية.
(١) هذا الأمر معقود لبيان الضابط لجريان الاستصحاب في الموضوعات المركّبة ، والتمييز بينها وبين العناوين الملازمة لها.
(٢) فإنّ المجعول فيها هو الكاشفيّة والطريقيّة ، ومقتضاها الثبوت الواقعي لمؤدّياتها تعبّدا ، أمّا في الأصول العمليّة فمجرّد البناء العملي وتطبيق العمل على طبق المؤدّى مع البناء على أنّه هو الواقع أو من دون بناء عليه ، وأيّا كان فلم يجعل فيها الطريقيّة وثبوت المؤدّى ـ كما جعلت في الأمارات.
(٣) فإنّ الحكم بثبوت المؤدّى حكم بثبوته بجميع لوازمه وملزوماته وملازماته ، أمّا الحكم بتطبيق العمل على المؤدّى من دون ثبوته فليس حكما به بالنسبة إلى لوازمه ونحوها ، ولا يقتضي سوى الجري عملا على طبق المؤدّى وما يترتّب عليه من الآثار الشرعيّة بلا واسطة عقليّة أو عاديّة ، وتمام الكلام في محلّه.
(٤) أي : في الأثر العملي إثباتا أو نفيا.
(٥) كما في موارد أصالة البراءة ، والاستصحاب المثبت للتكليف أو النافي له.