لا نعلم كونهم مكلّفين بها (١) فيما لم يقترن به قرينة صارفة عنه ، وأمّا فيما اقترن بها ، فكانوا مكلّفين بمقتضى القرينة لا بالظاهر ؛ لاحتمال (٢) أن يكون لهم قرينة صارفة عنه ، ولم تصل تلك القرينة إلينا ، فغاية الأمر أنّه لمّا لم يظهر تلك القرينة ، فيجوز أن يحصل لنا ظنّ بعدمها وبكونهم مكلّفين فيه بالظاهر ، وهذا ليس إلاّ مجرّد الظنّ ، ولم يقم على اعتباره بخصوصه (٣) دليل قطعي حتّى يقال به : لأنّه (٤) ظنّ مخصوص لا يلزم من اعتباره اعتبار كلّ ظنّ.
ثمّ قال : ولا يخفى أنّه لا يلائم الجواب (٥) عند قوله : « فيحتمل » ولا حاجة إلى ضميمة ذلك ، فيحتمل أن يكون إشارة إلى جواب آخر وهو أنّه يحتمل أن يكون من جملة تلك القرائن الموجبة للانتقال (٦) عن الظاهر خبر الواحد ، وحينئذ ففيما وجد فيه خبر الواحد على خلاف ظاهر القرآن لا علم لنا بكونهم مكلّفين بظاهر القرآن حتّى يعلم منه كوننا أيضا مكلّفين به بل يحتمل أن يكونوا مكلّفين بمقتضاه في مثلهم (٧) ، فلا يمكن لنا في مثله طرح الخبر والعمل بالظاهر بناء على إفادة (٨) العلم ، أو لكونه مفيدا للظنّ (٩) ؛ إذ قد ظهر انتفاء كليهما.
وثانيهما : أن يكون المراد وقوع الإجماع وقضاء الضرورة بكوننا أيضا مكلّفين بظاهر القرآن مثلهم وإن لم يشمل الخطاب لنا بكونه عامّا ، لكنّه يقول : إنّهم لم يكونوا مكلّفين بالظواهر مطلقا بل إذا لم تكن قرينة صارفة عنها كما ذكرنا ، فنحن أيضا بحكم
__________________
(١) في المفاتيح : كونهم مكلّفين بظواهر القرآن في الجميع حتّى يعلم بضميمة الإجماع والظاهر كوننا أيضا مكلّفين بها.
(٢) في المفاتيح : لا بالظاهر وقد علمنا ذلك في مواضع بالإجماع ونحوه وعلى هذا ففيما لم نجد قرينة أيضا لا علم لنا بكونهم مكلّفين فيه بالظاهر لاحتمال.
(٣) في المفاتيح : اعتبار خصوصه.
(٤) في المفاتيح : يقال إنّه.
(٥) في المفاتيح : أنّه على هذا يتمّ الجواب.
(٦) في المفاتيح : الموجبة لهم الانتقال.
(٧) في المفاتيح : مكلّفين بمقتضى الخبر ويكون أيضا مكلّفين بمقتضاه مثلهم.
(٨) في المفاتيح : إفادته.
(٩) في المفاتيح : لظنّ مخصوص.