كان الجائي بالخبر هو العادل ، فإنّ السالبة قد ينتفي (١) بانتفاء موضوعه (٢) ، وأخرى بانتفاء محموله (٣) ، والظاهر هو الثاني ؛ لأنّ السالبة مجاز في انتفاء الموضوع ، فموضوع الحكم في المقامين متّحد باعتبار العموم.
لأنّا نقول : إنّ قضية الاشتراط في القضية الشرطية لا تزيد على انتفاء التالي عند فقد المقدّم ، فوجوب التبيّن مرفوع عند عدم إخبار الفاسق ، ولا عموم فيه بالنسبة إلى إخبار العادل ، فإنّه ليس من أفراده بل إنّما هو حال من الأحوال التي قد يقارن عدم إخبار الفاسق كموت زيد وحياته ، وأكله ولبسه مثلا هل ترى أحدا يقول بأنّ الحالات المقارنة اتّفاقا لفقدان الشرط في الجملة الشرطية من أفراد فقدان الشرط؟ نعم ، لو كان الكلام في قولنا : إن كان المخبر فاسقا يجب التبيّن ، صحّ الاستناد إليه في حجّية خبر العادل بمفهوم الشرط ، لأنّ كون المخبر عادلا من أفراد عدم كون المخبر فاسقا كما لا يخفى. وظاهر عدم جري الآية مجرى هذا القول كان (٤) هذا هو (٥) منشأ الخلط في الاستدلال بهذه الآية.
ومن هنا يظهر أنّ المناط في القضية الشرطية إنّما هو على انتفاء نفس الشرط ، ولا مدخل للوصف (٦) الواقع تلوه ، ولا للّقب فيه كما لا يخفى.
ويرد عليه أيضا أنّ الترديد بين الردّ والقبول بعد عدم وجوب التبيّن ممّا لا حاجة إليه في وجه ، ولا وجه له في آخر ؛ فإنّ التبيّن إمّا أن يكون واجبا غيريّا مقدّميا ـ كما هو صريح التعليل ، وهو الظاهر من الأمر في خصوص المقام كما يشهد به العرف ، ويعاضده ظهور الإجماع كما حكي عن البعض ـ أو واجبا نفسيا ـ كما هو قضية الجمود على ظاهر الأمر بناء على أنّ الأصل هو ذلك ـ فعلى الأوّل لا حاجة إليه في
__________________
(١) كذا.
(٢) كذا.
(٣) كذا.
(٤) « ل » : وكان.
(٥) « ل » : ـ هو.
(٦) « ش » : للواصف.