وجه ؛ لأنّ عدم وجوب التبيّن هو حينئذ عين القبول كما أنّ الأمر بالتبيّن ليس إلاّ ردّ الخبر والوقوف عنده إلى ظهور الحال ، فالحكم بعدم وجوب التبيّن يلازم جواز العمل قبله ، فهو كناية عن القبول ، فالترديد ليس في محلّه.
وعلى الثاني لا وجه له ؛ لأنّ الردّ (١) ـ على تقدير أن يكون وجوب التبيّن وجوبا نفسيا ـ لا يلازم كون العادل أسوأ حالا من الفاسق ، فإنّ الوجه فيه ـ على ما هو مصرّح به في كلامهم ـ هو لزوم ردّ خبر العادل قبل التبيّن وخبر الفاسق بعده ، وهذا هو عين مراعاة حقّ العادل وملاحظة احترامه ، لاحتمال أن يكون وجوب التبيّن في خبره بواسطة إفشاء أمره وتشييع فاحشته وظهور كذبه ، وأمّا في العادل ، فلا يجب التبيّن من جهة لزوم إخفاء أمره وحفظ سرّه وستر عيبه.
وبالجملة ، فبعد قيام مثل هذا الاحتمال لا دلالة في ردّ خبر العادل قبل التبيّن وخبر الفاسق بعده على كونه أسوأ حالا منه كما هو ظاهر لا سترة عليه.
ويرد على الثاني ـ بعد تسليم حجّية مفهوم الوصف مطلقا ولو فيما لم يتقدّمه موصوف لفظا أو تقديرا ـ تعارضه بما يقتضيه التعليل في ذيل الآية ، فإنّ قضيته تعمّ خبر العادل أيضا ، لوجود الاحتمال فيه بعده ، واللازم حينئذ التساقط كما هو الشأن في غيره ممّا يكون النسبة بين المتعارضين عموما من وجه لو لم نقل بتقديم التعليل ؛ لكونه أقوى من المفهوم دلالة ، ولأنّ المستفاد من مثله عرفا هو القضية الكلّية كما في قولهم : « لأنّه حامض » بعد النهي عن أكل الرمّان (٢).
__________________
(١) « ل » : المراد.
(٢) في « ل » زيادة ما يلي. وفي نسخة « ش » قدر نصف صفحة بياض : واحتجّ القائلون بحجّية أخبار الآحاد بوجوه : الأوّل الآيات ، منها قوله تعالى : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) وهذه الآية قد تمسّك بها جمع كثير في حجّية أخبار الآحاد التي رواها العدول ومن علمائنا من تمسّك بها لعدم حجّية