__________________
يقصد المفهوم بأمثال هذه الخطابات أصلا حتّى يجري احتمال ما ذكره.
ثالثها : أنّ ما ذكره في صدر كلامه ـ من كون غاية توجيه ما ذكروه أن يكون المراد بالآية : إن جاءكم خبر الفاسق ، فتبيّنوا ومفهومه : إن لم يجئكم خبر الفاسق ، فلا يجب التبيّن سواء لم يجئكم خبر أصلا ، أو جاءكم خبر عدل ـ لا يظهر وجه لكونه توجيها ، فإن كان الوجه هو التعميم بالنسبة إلى عدم مجيء خبر أصلا ومجيء خبر العادل ، فذلك ممكن في نفس مفهوم الآية بدون صرفها عن ظاهرها ، فيقال : إنّ مفهومها : إن لم يجئكم فاسق بنبإ ، فلا يجب التبيّن سواء لم يكن هناك خبر أصلا ، أو كان هناك خبر أصلا ، أو كان هناك خبر العادل ، وإن كان أمرا وراء ذلك ، فلا نعقله إلاّ أن يقال : وما يعقله إلاّ العالمون هذا.
وقد تحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ الجملة الشرطية المذكورة في الآية ممّا لا يفيد جواز قبول قول العادل ، نعم لو كان سبحانه قد قال بدل هذه الجملة الشرطية : إن فسق الجائي بالنبإ ، فتبيّنوا نبأه ، كان مفهومه إن لم يفسق الجائي بالنبإ بل هي على عدالته ، فلا يجب عليكم تبيين نبئه.
ودعوى أنّ الآية مسوقة لبيان حال المنبئ ، فالمراد فيها ما ذكر ـ من أنّه إن فسق الجائي إلخ فيفيد بالمفهوم جواز قبول قول العادل ـ ممّا لا وجه لها ( في النسخة : له ) ، ضرورة أنّ إمكان تحويل صورة قضيّة إلى أخرى لا يقتضي أن يكون مفاد الأولى هو مفاد الثانية ، هذا.
وأمّا الثاني ـ وهو المنع على المتمسّكين بمفهوم الوصف ـ فيقرّر بوجهين :
أحدهما : إنّما نمنع من حجّية مفهوم الوصف من أصله ، مضافا إلى ما ذكره بعضهم من أنّا لو سلّمنا ذلك ، فإنّما نسلّمه فيما لو كان الموصوف مذكورا ، وأمّا ما لم يكن الموصوف مذكورا معه ، فهو من قبيل مفهوم اللقب لكن هذا غير مرضيّ عندنا ، لعموم النزاع هناك وكون ما استفيد فيه المفهوم واستدلّ به ممّا لم يذكر معه الموصوف مثل قوله : « ليّ الواجد يحلّ عقوبته » هذا.
وقد تمسّك بعضهم في الاستدلال بالآية من باب مفهوم الوصف بوجه آخر وهو أنّ مفهوم الوصف وإن لم يكن حجّة إلاّ أنّه لا ريب في حجّيته إذا وقع في سياق الشرط ، وبذلك يتمّ المطلوب.
وأنت خبير بأنّ ذلك دعوى لا شاهد عليها فتوجّه المنع إليها جليّ. فافهم.
وتمسّك الفاضل القمّي رحمهالله بوجه آخر أشار إليه بعد ردّ الاستدلال بمفهوم الشرط بقوله : فالاعتماد على مفهوم الوصف ، فإنّا وإن لم نقل بحجّيته في نفسه لكنّه قد يصير حجّة بانضمام