__________________
قرينة المقام كما أشرنا إليه في مباحث المفاهيم. انتهى.
وأورد عليه صاحب الفصول رحمهالله بعد حكايته عنه بما لفظه :
أقول : وفيه نظر ؛ لأنّ مساعدة المقام على استفادة حكم من التعليق على الوصف ـ بناء على عدم دلالته عليه في نفسه ـ إمّا أن يكون لقرائن حالية وثبوتها في المقام ممنوع قطعا ، أو لقرائن لفظية راجعة إلى انحصار فائدة التعليق في الاحتراز ، أو ظهورها بحسب مقام التعليق من بين الفوائد ، فهذا إنّما جريانه بحسب تحصيل الوثوق والاعتداد به فيما إذا تعقّب الوصف الخاصّ للموصوف العامّ كما في قولك : إن جاءك بخبر فاسق أو رجل فاسق بنبإ ونحو ذلك ممّا يشتمل على التقييد اللفظي المقتضي اعتباره في الكلام لفائدة زائدة على فائدة بيان الحكم ، وظاهر أنّ المقام ليس من بابه بل من باب ترجيح التعبير عن موارد الحكم بعنوان خاصّ على التعبير عنه بعنوان عامّ ومثل هذا لا يستدعي فائدة ظاهرة تزيد على فائدة بيان الحكم في المورد الخاصّ ، ومع الإغماض عن ذلك ، فلا نجد لتعليق الحكم على الوصف في المقام مزيد خصوصية لا يوجد في غيره ، فإنّ ما ذكروه في منع دلالته على حكم المفهوم في غير المقام من عدم انحصار الفائدة فيه ، وأنّ من جملة الفوائد كون محلّ الوصف محلّ الحاجة متّجه في المقام أيضا ، مضافا إلى أنّ له في المقام نكتة أخرى أيضا وهي التنبيه على أنّ المخبر المتّصف بالفسق بعيد عن مقام الاعتماد والاستناد جدّا ؛ إذ يحتمل في حقّه ما يحتمل في حقّ المخبر العادل من السهو والنسيان مع زيادة وهي احتمال تعمّده الكذب ، أو تعويله في خبره على أمارات ضعيفة وأوهام سخيفة ناشئين من انتفاء صفة العدالة عنه الحاجزة عن الاقتحام في مثل ذلك ، وهذا ظاهر لا سترة عليه هذا كلامه رحمهالله.
وربّما يوجّه كلام الفاضل القمّي رحمهالله بما لا يرد عليه المنع من قيام قرينة في المقام ، فيقال : إنّ الآية بملاحظة نفس الحكم بالتبيّن المأخوذ فيه كونه للغير مع تعليق الحكم بالوصف وتعليله بقوله تعالى : ( أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) تفيد باعتبار انضمام بعض الأمور المذكورة إلى بعض أنّ مقصوده تعالى بيان أنّ خبر الفاسق ليس طريقا إلى الواقع ، وأنّ خبر العادل طريق إليه.
وبالجملة ، إنّ تلك الأمور بملاحظة انضمام بعضها إلى بعض قرينة في المقام تفيد أنّ مقصوده تعالى بيان ما هو طريق إلى الواقع ، وما ليس طريقا إليه هذا.