__________________
ولكنّ الإنصاف أنّ ما ذكره وإن كان فيه إشعار بما ذكره إلاّ أنّه ليس نصّا في ذلك ، ولا ظاهرا ظهورا يصحّ الركون إليه ؛ إذ يحتمل أن يكون المراد توجيه الذمّ إلى من قبل خبر وليد واعتمد عليه مع كونه فاسقا ، فيكون سياق الكلام للذمّ على ذلك لا لبيان طريق إلى الواقع.
ثانيهما : أنّه لو سلّم ثبوت مفهوم الوصف في المقام إمّا بتسليم حجّية مفهوم الوصف مطلقا ، أو بتسليم ثبوت مفهوم الوصف إذا وقع في سياق الشرط ، أو بتسليم ثبوته بقرينة المقام كما عرفته من الفاضل القمّي رحمهالله.
قلنا : إنّه وإن كان مقتضى المفهوم من الآية عدم وجوب تبيّن خبر العادل لكنّه معارض بعموم التعليل بلزوم التحرّز عن الندم مطلقا المقتضي للتحرّز عن كلّ خبر موجب له مطلقا سواء كان خبر الفاسق أم غيره ، فالمفهوم وإن اقتضى حجّية خبر العادل إلاّ أنّ التعليل بعمومه يقتضي عدم جواز قبول كلّ خبر موجب للندم ، ومنه خبر العادل الغير المفيد للعلم ، وما ذكرنا من حديث المعارضة ليس مبنيا على كون النسبة بين نبأ العادل الذي تضمّنه المفهوم ، والنبأ الموجب للندم أعمّ من أن يكون نبأ العادل ، أو يكون [ نبأ ] الفاسق ليتعارضا في مورد الاجتماع وهو خبر العادل الغير المفيد للعلم ، فيلزم التماس المرجّح لوجهين :
أحدهما : أنّ النسبة بين المفهوم والتعليل ليست هي العموم من وجه لكون الخبر المفيد للعلم خارجا عن المنطوق والمفهوم جميعا ، لكونه حجّة بالاتّفاق حتّى لو كان راويه فاسقا ، وعلى هذا فيرتفع العموم من جانب المفهوم ويكون التعليل أعمّ منه مطلقا.
والثاني : أنّه لو فرض كون كلّ منهما أعمّ من الآخر من وجه لم يكن وجه لإعمال قاعدة تعارض العامّين من وجه في مثل المقام الذي وقع فيه التعارض بين الصدر والذيل من كلام واحد ، بل اللازم حينئذ ملاحظة الأظهر منهما وتقديمه على الظاهر منهما كما في قولك : رأيت أسدا يرمي ، ولو سلّم جواز إعمالها في الكلام الواحد ، منعناه في العلّة والمعلول ؛ فإنّ الظاهر عند العرف أنّ المعلول يتبع العلّة في العموم والخصوص ، فالعلّة تارة تخصّص مورده المعلول وإن كان عامّا بحسب اللفظ كما في قول القائل : لا تأكل الرمّان لأنّه حامض ، فيخصّصه بالأفراد الحامضة ، فيكون عدم التقيّد في الرمّان لغلبة الحموضة فيه ، وقد يوجب عموم المعلول فإن كان بحسب الدلالة اللفظية خاصّا كما في قول القائل : لا تشرب الأدوية التي تصفها لك النسوان ، أو إذا وصفت لك امرأة دواء فلا تشربه ؛ لأنّك لا تأمن ضرره ، فيدلّ على أنّ الحكم عامّ في كلّ