__________________
دواء لا يؤمن ضرره من أيّ واصف كان ، ويكون تخصيص النسوان بالذكر من بين الجهّال لنكتة خاصّة ، أو عامّة لاحظها المتكلّم ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، فلعلّ النكتة فيه التنبيه على فسق الوليد ، فتحصّل أنّ التعارض ليس مبنيّا على كون النسبة بين المفهوم والتعليل هي العموم من وجه بل مبنيّ على أنّ التعليل يفيد عدم جواز قبول كلّ خبر يورث الندم سواء كان خبر العادل أم خبر الفاسق ، وهو أقوى من المفهوم ، فيكون الحكم له ، فلا يجوز قبول خبر العادل أيضا إذا احتمل الندم.
وإلى ما ذكرناه أشار في الغنية حيث ذكر ـ بعد حكاية الاستدلال بالآية والمنع منه بأنّه مبنيّ على دليل الخطاب وهو باطل ـ ما نصّه :
على أنّ ظاهر الآية يمنع من العمل بخبر العدل ؛ لأنّه سبحانه علّل المنع من قبول قول الفاسق بعلّة هي قائمة في خبر العدل بقوله : ( أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) وهذه العلّة ثابتة في خبر العدل ؛ لعدم العلم بحقيقة الأمر فيه وارتفاع الثقة بصدقه فيما يرويه ، وإذا شارك الفاسق في علّة المنع وجب الوقف في خبره كالفاسق. انتهى.
فإن قلت : ليس احتمال ذكر الندم في خبر الفاسق المذكور في الآية علّة حتّى يدور الحكم مداره بل هو حكمة في النهي عن قبول قول الفاسق ، فلا يسري إلى القول العادل.
قلت : لا ريب أنّ قوله تعالى : ( أَنْ تُصِيبُوا) ممّا حذف فيه الصدر المعلّل به الحكم مثل مخافة أو كراهة وأقيم ما أضيف إليه مقامه وهو ظاهر بل نصّ في التعليل ، فلا يجوز العدول عنه إلاّ بدليل.
ثمّ إنّها لو تنزّلنا عن كون التعليل أقوى من المفهوم ، فلا أقلّ من المساواة ، فيتعارضان ولا معوّل إلاّ أصالة حرمة العمل بالظنّ ، فلا تفيد الآية اعتبار خبر العادل المفيد للظنّ ، وقد يختصّ حكم الآية بالتحرّز عن الندم بخصوص الخبر الموجب له ، أم يجري في كلّ ما أوجبه وإن لم يكن خبرا؟
الوجه هو الثاني ؛ لظهوره في العموم ، فيندرج فيه مثل الشهرة والإجماع المنقول وغير ذلك من الأمارات الظنّية فيكون مؤدّى الآية الكريمة مؤدّى قوله تعالى : ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ [ عِلْمٌ ].)
فإن قلت : المشهور جواز تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة وهو المختار عندكم ، وإذا كان التعليل