أمّا أوّلا ، فلانعقاد الإجماع على خلافه.
وأمّا ثانيا ، فلأنّ التقليد إنّما هو مشروع لمن لم يتمكّن من الفحص في الحكم الشرعي ؛ لاختصاص أدلّته به.
أمّا الإجماع ، فظاهر.
وأمّا الآيات ، فظاهرها كالأخبار فيمن لا يعلم الحكم من جهة عدم تمكّنه من الفحص والمفروض أنّه تمكّن من الفحص وبذل الجهد ، فعلم (١) بانسداد طريق العلم في الأحكام الشرعية ، فهو يعتقد بطلان ما يراه القائل بانفتاح باب العلم ، أو الظنون الخاصّة ، وقياسه على المحبوس مع الفارق لما عرفت من أنّ المحبوس فيما يرجع إلى المجتهد غير عالم ، فيشمله قوله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )(٢) بخلاف ذلك ؛ فإنّه عالم بالانسداد ، وذلك مثل ما لم يعلم المجتهد حكم مسألة جزئية بعد الفحص بواسطة إعواز النصّ عنده ولو كان من العاملين بالظنون الخاصّة ، فكما أنّه لا يتوهّم جواز تقليده لمن يعتقد وجود نصّ منها ، فكذلك في المقام.
نعم ، لو كان هناك مجتهد يعلم بانفتاح باب العلم في الواقع له لتمكّنه من الوصول إلى معادن الوحي أو لوجود الأصول المدوّنة في زمنهم عنده بحيث يصير جلّ الأخبار المودعة في الكتب الأربعة وغيرها قطعية إمّا صدورا ، وإمّا (٣) مضمونا ، فلا محيص عن التقليد كما أنّهم يعملون بفتاوى عليّ ابن بابويه القمّي عند إعواز النصوص ؛ لتنزيلهم فتاويه منزلة النصوص وهو نوع من الاجتهاد بل وأعلى مرتبة منه على بعض الوجوه.
وأمّا الاحتمالات الأخر من العمل بالموهوم والتبعيض في الموارد والتخيير والتوقّف ، فمع أنّها مخالفة للإجماع ، فقد يردّه بعض ما أسلفنا لك في إبطال الوجوه
__________________
(١) « ل » : فيعلم.
(٢) النحل : ٧ ؛ الأنبياء : ٧.
(٣) « ل » : « أو » بدل : « وإمّا ».