على نفس الأحكام المجعولة لهم ، وذلك ظاهر لا سترة عليه ، وظنّي أنّ المدّعي أيضا لا يدّعي بذلك (١) كما يظهر من قوله : ومستند قطعنا في المقامين هو الإجماع.
وإن أراد أنّ الدليل قد دلّنا على ذلك وإن لم يكن واجبا في نظر العقل كالإجماع مثلا ، ففيه أوّلا : منع الإجماع كيف؟ وجماعة من متقدّمي أصحابنا كابن قبة ومتابعيه (٢) يقول بامتناع جعل الطريق الظنّي منه تعالى.
وأمّا العلم ، فقد عرفت فيما سبق أنّه بنفسه منجعل غير محتاج إلى الجعل ، وجملة منهم كالسيّد وأتباعه لا يرون وقوعه شرعا بل هم مكتفون في ذلك على الطرق المعمولة عند العقلاء في تحصيل الامتثال والإطاعة ، فأنّى لك بدعوى الإجماع والقطع به؟ فإنّ السيّد يعتمد على أصالة الحقيقة في الألفاظ ، ولا ريب أنّها ليست من الطرق المجعولة ، غاية ما في الباب أنّ الشارع قد أمضاها ، وذلك لا يقضي بجعل فيها كما لا يخفى.
وثانيا : أنّه قد تقدّم في بعض المباحث السابقة في الإجماع والتواتر أنّ ما نرى من اتّفاق جماعة على أمر واختلافهم في تعيينه على إطلاقه لا يلازم وجود قدر مشترك بين المجمعين والمخبرين ، فإنّه (٣) يتحقّق على وجهين :
أحدهما : أن يكون (٤) إطباقهم على قدر مشترك بين جميع الخصوصيات حقيقة ، و (٥) كان الاختلاف فيها كذلك ، كاتّفاقهم على موت واحد واختلافهم في الميّت هل هو زيد أو عمرو مثلا ، ومثل اتّفاقهم على وجوب الصلاة في الجمعة واختلافهم في أنّها الظهر أو الجمعة ، فإنّ الاتّفاق المذكور يكشف عن أنّ الموت في الجملة واقع ، والصلاة على إجمالها واجبة.
__________________
(١) كذا. والظاهر زيادة الباء.
(٢) « ل » : تابعيه.
(٣) « ل » : + قد. وشطب عليها في « ش ».
(٤) « ل » : يكونا.
(٥) « ش » : ـ و.