الانفتاح وحضور الإمام عليهالسلام ، وإمّا من حيث إنّ القياس غالبا لا يصادف الواقع لعلمهم بالعواقب مثل ما نرى من اعتبار قول الثقة في المطالب العرفية عند أهله ، فلو قيل : إنّ المخبر الفلاني مثلا ممّا لا يجوز العمل بقوله ؛ لعدم الوثوق بقوله ، فكما أنّ ذلك لا ينافي الحكم بالكلّية القائلة باعتبار قول الثقة مثلا بل إنّما هو طرد موضوعي ، فكذلك فيما نحن بصدده.
ومن هنا يظهر عدم اتّجاه ما قد يتخيّل التعويل عليه في إثبات جعل الطريق منهم من الأخبار الآمرة بأخذ معالم الدين عن جملة من أصحابهم ، كقوله عليهالسلام : « خذوا [ بـ ] ـما رووا وذروا ما رأوا » (١) وقوله عليهالسلام : « عليك بزكريّا بن آدم المأمون على الدين والدنيا » (٢) وقوله عليهالسلام : « نعم » بعد قول الراوي : أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ منه معالم ديني؟ (٣) إلى غير ذلك ؛ لظهور الجميع فيما قلناه من بيان الطرق المعمولة عليها عند العقلاء وإمضائها كما هو مقتضى صحيح النظر في قول الراوي إنّه ثقة آخذ منه [ معالم ديني ] فإنّه سأل عن الصغرى بعد فرض الكبرى مسلّمة ، وفي قول الإمام عليهالسلام : « المأمون على الدين » ولا أقلّ من الاحتمال ، فيقطع الاستدلال لعدم ظهوره فيما استدلّ عليه قطعا ، فدعوى القطع بأنّه اعتبر في حقّنا طريقا جعليا مجازفة بيّنة ، ومكابرة هشّة (٤) على ما عرفت من عدم دليل على ذلك بل الإنصاف أنّ احتمال عدم جعل الطريق في الأحكام بعيد في الغاية ، وغريب في النهاية.
وممّا يكشف عمّا ذكرناه أنّ عموم البلوى في مثل المقام يقضي بعدم الخلاف في ذلك بل لا بدّ وأن يكون معلوما بالتفصيل كما أنّ التقليد في المقلّد كذلك ، فلو كان كما ذكر ،
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٠٢ ، باب ٨ من أبواب صفات القاضي ، ح ٧٩ ، و ٢٧ : ١٤٢ ، باب ١١ من أبواب صفات القاضي ، ح ١٣. وتقدّم في ص ١٥٥.
(٢) الوسائل ٢٧ : ١٤٦ ، باب ١١ من أبواب صفات القاضي ، ح ٢٧ نحوه.
(٣) الوسائل ٢٧ : ١٤٧ و ١٤٨ ، باب ١١ من أبواب صفات القاضي ، ح ٣٣. وسيأتي في ص ٢٥٦.
(٤) « ل » : ـ هشة.