ثمّ إنّ جعل الطريق ونصبه من الشارع تارة في حال الانفتاح ، وأخرى في حال الانسداد.
وعلى الأوّل ، فقد يجعل الطريق لا من حيث اشتماله على مصلحة متداركة لمصلحة الواقع عند التخلّف عنها (١) بل الوجه في الجعل إنّما هو بواسطة غلبة مطابقته للواقع تسهيلا للعباد عند التخلّف ، وقد يجعل من حيث اشتماله على المصلحة المتداركة.
والفرق بينهما أنّه على الأوّل رخصة ، فيحسن تحصيل الواقع بالاحتياط بعد الإتيان على وجه يوافق الطريق ، وعلى الثاني عزيمة يجب الاعتماد عليه ، فلا يحسن الاحتياط ، وتحصيل الواقع ؛ إذ هو في عرض الواقع حينئذ.
وعلى الثاني ، فقد يجعل الطريق من حيث هو مرآة للواقع ، وآلة للوصول إليه من غير اشتماله على مصلحة عدا كونه مرآة وآلة ، وقد يجعل من حيث اشتماله على المصلحة التسهيلية ، ولا وجه لجعل الطريق حال الانسداد من جهة اشتماله على المصلحة المتداركة كما لا يخفى.
وعلى التقادير الأربعة ، فتارة على وجه الجعل حقيقة ، وأخرى على وجه الإمضاء في طرقهم المعمولة عندهم في استكشاف مطالبهم ، وإذ قد عرفت هذا فنقول :
إن أراد أنّ هناك طرقا جعلية تعبّدية مشتملة على المصلحة المتداركة لمصلحة الواقع في صورة التخلّف ، و [ أنّ ] المتداول في الإفادة والاستفادة للشارع وأصحابه إنّما هو في هذه الطرق ، فغير سديد ؛ للعلم القطعي بأنّ المجعول من الشارع على تقديره ليس من هذا القبيل ، ويكذّبه ملاحظة أحوال ما استكشف منه مطلوبه ، فإنّ من المعلوم أنّ مراجعة الزوجة والصبيان لزوجها ومعلّمهم ليس إلاّ من جهة استكشاف الواقع ، وكذا اعتماد العقلاء على الأصول التعبّدية كأصالة الحقيقة ونحوها ليس إلاّ بواسطة أنّه لو لم يعتمد على تلك الأصول ، لكان التخلّف اللازم على تقديره أكثر من
__________________
(١) « ش » : منها.