وعلى تقدير احتمال التخلّف في بدليته قد يبقى احتمال اشتماله على مصلحة الواقع بخلاف ما إذا لم يكن الظنّ مظنون الاعتبار ، ويحتمل أن يكون من حيث جريان دليل الانسداد فيه كأن يقال : إنّ العمل بالظنّ حكم من الأحكام الشرعية التي (١) قد انسدّ فيها باب العلم ، فلا بدّ من تعيين المعتبر شرعا بالظنّ لانسداد باب العلم بالتعيين (٢) فيه ، والكلّ لا يصلح مرجّحا : أمّا إجمالا ، فلأنّه بين غير مجد في الترجيح وبين غير كاف في العمل ، وأمّا تفصيلا ، فلأنّ القدر المتيقّن الحقيقي كالخبر الجامع لصفات الراوي كأن يكون عدلا إماميّا ضابطا ، والجامع لصفات المظنون كأن يكون موثوقا به ، ولصفات الاعتبار كأن يكون معمولا به عند الأصحاب في غاية الندور ، ولو فرض وجوده بين الأخبار ، فهو من الظنون الخاصّة المعتبرة بإجماع الفرقة المحقّة كما تقدّم ؛ إذ على تقدير انتفاء أحد القيود ينتفي اليقين قطعا ، فإنّه على تقدير انتفاء الخبر يحتمل حجّية غيره ؛ إذ لعلّ مناط الاعتبار هو الظنّ ، وعلى تقدير انتفاء العدالة يحتمل حجّية غيره ؛ لاحتمال إناطة الحجّية بالوثوق ، ولو انتفى الوثوق يحتمل اعتبار مطلق الخبر العدل ؛ لاحتمال ارتباط الاعتماد بالعدالة.
وأمّا القدر المتيقّن الإضافي ، فهو وإن كان كثيرا كما نبّهنا عليه في الردّ على بعض الأجلّة فيما تقدّم لكنّ الإنصاف ، أحسن الأوصاف ، ومقتضاه عدم وجود القدر المتيقّن بين الأمارات سوى ما عرفت سيّما فيما لو فرضنا أمارة ظنّية أخرى معارضة لها كما يظهر بالتأمّل.
وأمّا قوّة الظنّ ، فلأنّ المرتبة المنضبطة منها (٣) ـ وهو الوثوق والاطمئنان وسكون النفس عندها وركونها إليها ـ فهو في غاية الشذوذ بحيث لو فرضنا الاعتماد عليه ، يلزم أحد المحذورين المزبورين : من الخروج عن الدين على تقدير إعمال البراءة ، والعسر
__________________
(١) « ل » : ـ التي.
(٢) في النسختين : بالتعيّن.
(٣) « ل » : ـ منها.