كالأشعرية ، فإنّ مرجع الترجيح من غير مرجّح إلى الترجّح من غير مرجّح (١).
فتارة من حيث وجود أصل الفعل في الخارج ، فإنّ نسبة الإرادة بالنسبة إلى الوجود والعدم متساوية ، وكذا الفاعل وغيره ، فلو صدر مع ذلك الفعل ، لزم ترجيح أحد طرفي الفعل الممكن وجوده وعدمه من غير مرجّح يقتضيه ، وبدون مخصّص يعيّنه بالصدور ، فإنّ الجزء الأخير من العلّة التامّة المقتضية لصدور الفعل بعد لم يوجد ، وبوجه آخر الترجيح في المقام عبارة عن وجود الفعل في الخارج بمعنى أنّ ما يحاذيه في الخارج ، وينتزع منه الترجيح هو نفس الفعل ووجوده كما في أضرابه من المفاهيم المنتزعة عن الفعل باعتبارات مختلفة كالشروع في الفعل ، ألا ترى أنّ فعل الأكل والشروع فيه غير الأكل في الخارج ، فترجيح الأكل معناه إيجاد الأكل في الخارج ، فلو جوّزنا الترجيح بلا مرجّح ، فقد جوّزنا وجود الفعل وترجيحه من غير مرجّح وهو فطريّ الاستحالة ، وضروريّ البطلان.
وأخرى من حيث نقل الكلام في الإرادة ، فإنّ وجود نفس الإرادة مع أنّها فعل اختياري لا بدّ له من مرجّح خارج عنها ، وإلاّ فيلزم وجود الإرادة وترجيحها بدون المرجّح ، وكيف كان ، فلا ريب في أنّ مرجع صدور الفعل لا بدّ وأن يكون بحيث يجب معه الفعل ، ويمتنع عدمه ، وإلاّ لم يوجد.
وإذ قد عرفت هذه ، فنقول : إنّ ما ذكره في الفرق بين المرجّح والدليل بأنّ المرجّح غير الملزم في دفع ما قيل عليه ممّا لا محصّل له عند التحقيق ، فإن أراد في المثال المذكور أنّ مرجّح أكل الطعام الألذّ والعمل به لا يجب وأن يكون ملزما في صدور هذا الفعل من الآكل (٢) ، فهذا الكلام باطل ؛ لأوله في الحقيقة إمّا إلى عدم صدور الأكل والفعل منه (٣) ، أو إلى جواز الترجيح بلا مرجّح ، وهو راجع إلى الترجيح بلا مرجّح ،
__________________
(١) سقط قوله : « إلى الترجّح » إلى هنا من نسخة « ل ».
(٢) « ل » : هذا الآكل.
(٣) « ل » : فيه.