صحيحة ـ دلالة واضحة صريحة كما لا يخفى على من له لطف قريحة ـ على حجّيتها.
فمنها : الرواية الصحيحة المذكورة في ترجمة يونس بن عبد الرحمن فإنّها بسؤالها وجوابها تدلّ على أنّ ملاك الاعتبار هو الوثاقة ، ومناط الحجّية هو الاطمئنان ، فإنّ السائل قال : أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ منه معالم ديني؟ فأجابه عليهالسلام بقوله : « نعم » (١).
لا يقال : الرواية ظاهرة في الفتوى ، فإنّها الظاهر من معالم الدين ، فلا يدلّ على حجّية الرواية.
لأنّا نقول : لا نسلّم ظهورها بل ظاهرة فيهما جميعا كما هو ظاهر ، ولو سلّم ، فيتمّ المطلوب ؛ لعدم الفصل إذ كلّ من قال بحجّية الفتوى ، فقد قال بحجّية الرواية بل قد يمكن دعوى الأولوية بالنسبة إلى الرواية.
نعم ، ذلك لا يتمّ على مذاق (٢) السيّد ومن يحذو حذوه في عدم حجّية رواية الواحد وحجّية فتواه ، ولكنّه على مشرب القائلين بحجّية الآحاد ، فلا قائل بالفرق.
فإن قلت : لا دلالة فيها على حصر الملاك والمناط في الوثاقة ، فلعلّه كان هناك شروط أخر كالعدالة ونحوها معلومة عنده ، وكان المجهول هو الوثاقة فقط كما يقال : فلان مجتهد يجوز تقليده ، فإنّه إنّما يقال بعد إحراز سائر الشرائط.
قلت : الظاهر من الرواية ـ كما يظهر لأولي الدراية ـ أنّ المعتبر هو الوثاقة ، فما لم يعلم باشتراط شيء آخر ، يؤخذ بظاهرها ، ولا عبرة بالاحتمال ، بعد ظهور المقال في غيره.
ومنها : ما رواه الكشّي في ترجمة محمّد بن مسلم ، عن محمّد بن قولويه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى بن عبد الله بن محمّد الحجّال ، عن العلاء بن رزين ، [ عن ] عبد الله بن أبي يعفور ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّه ليس كلّ ساعة
__________________
(١) تقدّم في ص ٢١١.
(٢) « ل » : لا يتمّ إلاّ بمذاق.