ثمّ بعد ملاحظة عدم وجوب الاحتياط بواسطة لزوم العسر والحرج يتعيّن الامتثال بغير العلم ، وحيث إنّ الظنّ أقرب إلى الواقع ، فتعيّن الظنّ ، فإنّه إذا تعذّرت الحقيقة ، فأقرب المجازات هو المتعيّن ، وحيث إنّه لا خصوصية في أفراد الظنّ ، فيحكم العقل بأنّ الحجّة بعد (١) هو ، أو مطلق الظنّ من غير فرق بين أفراده وأقسامه وأسبابه كما أنّه لا يحكم العقل بعموم اعتبار العلم في موارده إلاّ بعد ملاحظة انتفاء الخصوصيات المقتضية لجميعه علم خاصّ وإدراك مخصوص.
فظهر أنّ العقل لا يحكم ابتداء بأنّ المعتمد بعد الانسداد هو الظنّ مطلقا وإن كان لا يحتاج في الحكم بالعموم إلى ملاحظة المقدّمة القائلة ببطلان الترجيح بلا مرجّح تفصيلا ، فإنّها ممّا أودعه الله في خزائن نفوسهم.
ومن هنا يتّضح أنّ القائل بكلّية النتيجة والقائل بإهمالها لا نزاع لهما في الحقيقة ؛ لأول الأوّل إلى الثاني ، فإنّه يحكم بالعموم أوّلا من جهة مقدّمة مطويّة معلومة ، ويتوهّم عدم استناد الحكم إليها (٢) ، فهي خفيّة لشدّة ظهورها ، ومجهولة لقوّة بروزها عند النفس.
ثمّ إنّه قد يمكن (٣) أن يقال بأنّ القول بالتعميم إنّما يلازم بطلان الاحتياط على وجه التعميم من غير حاجة إلى انضمام مقدّمة أخرى.
وبيانه : أنّه قد تقدّم منّا في بطلان الاحتياط (٤) أنّ الضرورة الداعية إلى رفع اليد عن الاحتياط ـ مع أنّه هو الذي يقتضيه القواعد المتداولة بيننا من تقدّم الامتثال العلمي ـ ولو إجمالا ـ على غيره من وجوه الامتثال بل قد يعدّ في عرض الامتثال العلمي التفصيلي كما مرّ تفاصيله في أوائل الباب ـ إنّما تتقدّر (٥) بقدرها ، فقضية الاحتياط أوّلا
__________________
(١) « ل » : بعده.
(٢) « ل » : إليهما ( ظ ).
(٣) « ل » : يتمكن؟
(٤) سقط من قوله : « على وجه التعميم » إلى هنا من نسخة « ل ».
(٥) « ل » : تقدّر.