وفي كلّ من الوجوه المذكورة نظر :
أمّا في الأوّل ، فلأنّ الأصل لا يعارض إطلاق أدلّة التخيير بقسميها من الأخبار الواردة فيه (١) ابتداء ، أو بعد المرجّحات المنصوصة.
قلت : ولعلّ إطلاق الأخبار الآمرة بالأخذ بها ممّا ينافي الاشتغال أيضا ، فلا عبرة به في قبال الدليل.
وأمّا في الثاني ، فلأنّ غاية ما يفيد ظهور الإجماع وما نقله البعض هو الظنّ بجواز الترجيح ، والمفروض عدم حجّية الظنّ في المسألة الأصولية أيضا كما في الفروع على ما قرّرناه في أوّل الكلام.
وأمّا في الثالث ، فللمنع من لزوم المخالفة القطعية بعد إعمال المرجّحات المعلومة في الدلالات ، ألا ترى أنّ جملة من العلماء زعموا قطعية الأخبار ومع ذلك لا محلّ للتعارض السندي ، فوجه الترجيح عندهم منحصر في الدلالة ولا حرج فيه كما لا يخفى.
قال الأستاد : الإنصاف أنّ التعويل على الظنّ في مقام الترجيح لو كان مستندا إلى إجماع ، فلا كلام ، وإلاّ فهو في الحقيقة كلام لا يرجع إلى حاصل.
اللهمّ إلاّ أن يرجع إلى توهين الطرف المخالف على وجه يخرج عن موضوع ما هو الحجّة بحسب الدليل ، لكنّه خلاف ما هو المفروض بالبحث في المقام ، فإنّ الكلام ـ على ما نبّهنا عليه في أوّل البحث ـ إنّما هو في المتعارضين بعد كونهما حجّتين ومشمولين لما دلّ على اعتبارهما نوعا ، والتوهين إنّما يتأتّى على القول بحجّية الأخبار المفيدة للظنّ ، أو على القول بحجّية الظنون المطلقة.
نعم ، يمكن القول بتقديم الخبر الموافق لخصوص الشهرة والإجماع المنقول المفيد للظنّ على القول بحجّية الأخبار تعبّدا ، أو نحوه نظرا إلى عدم انصراف الدليل الدالّ
__________________
(١) « ل » : فيها.