أصل
[ فى الأصول العقلية ]
[ البراءة العقلية ]
ومن الأحكام العقلية التي يبتني ثبوتها (١) على القول بالتحسين والتقبيح العقليين الحكم بخلوّ الذمّة وفراغها عن عهدة التكليف عند الشكّ فيه سواء قلنا بالملازمة بين الحكمين ـ كما هو التحقيق على ما مرّ ـ أو لم نقل ؛ فإنّ الملازمة المبحوث عنها إنّما هو فيما إذا أدرك العقل الحسن والقبح في أفعال العباد التي هي محالّ للأحكام الشرعية وليس الأمر كذلك فيما نحن بصدده ؛ إذ مرجع الحكم في المقام إلى قبح التكليف بلا بيان والعقاب بلا برهان وليس شيء منهما بأفعال العباد ؛ فإنّ التكليف والعقاب من أفعاله تعالى ، وليس أفعاله ممّا يتعلّق بها حكم شرعي على ما هو المقرّر في مقامه ، وهذا الحكم العقلي المتوصّل به إلى نفي الحكم الشرعي والعقاب هو المعبّر عندهم بأصالة البراءة ، وقد يسمّى بالبراءة الأصلية وأصالة النفي.
وقد يستشكل في المقام بأنّ الدليل العقلي هو حكم عقلي يتوصّل به إلى حكم شرعي ـ على ما مرّ تفصيل القول فيه في أوائل المقصد ـ فعلى هذا لا وجه لعدّ البراءة من الأدلّة العقلية ؛ فإنّ غاية ما يمكن (٢) التوصّل بها إليه هو نفي العقاب ودفع المؤاخذة ووضع التكليف ـ كما هو المستفاد من جملة من الأخبار الواردة فيها أيضا كما سيأتي
__________________
(١) « س » : التي ثبوتها مبني.
(٢) « ج » : + به.