الأحكام الظاهرية ، فإنّ حكم العقل بقبح العقاب عند عدم البيان حكم واقعي لا يناط بالظاهر أصلا وقد مرّ فيما سبق من أنّ مناط انقسام الأحكام إلى الظاهرية (١) والواقعية هو إمكان الأحكام الشأنية مع إمكان عدم الوصول إلى المكلّفين وهذا منتف في الأحكام العقلية ولو كان في موضوع الجهل.
ثمّ إنّ المراد بالأصل في هذا التركيب يمكن أن يكون معناه اللغوي بحسب واحد من موارد استعماله كقولهم (٢) : « أصل الإنسان التراب » أي (٣) الحالة السابقة من الحالة اللاحقة الموجودة فيه هو هكذا كأن يكون المعنى البراءة التي كانت موجودة ثابتة قبل ، وكثيرا ما يراد منه هذا المعنى فيما لو كان التركيب توصيفيا كقولهم البراءة الأصلية.
ويمكن أن يكون المراد به القاعدة من معانيه الاصطلاحية أي القاعدة العقلية التي توجب الحكم بخلوّ الذمّة والبراءة عن التكليف عند الشكّ مثلا ، وأغلب ما يراد به (٤) هذا فيما لو كان التركيب إضافيا.
وأمّا الدليل ، فيمكن إرادته فيه بتكلّف على أن يكون الإضافة بيانية. وما توهّمه بعض الأجلّة (٥) من أنّ الكلام في المقام في نفس المدلول دون الدليل غير سديد على التقدير المذكور. وأمّا الراجح ، فيحتمل إرادته أيضا بالتكلّف (٦) المذكور ولو كان في التركيب الإضافي ، وإلاّ ففي التركيب الحملي ممّا لا يدانيه ريب كما لا يخفى.
وأمّا الاستصحاب ، فلا يصحّ أن يراد بالأصل في المقام لا لما زعمه بعض الأجلّة (٧) من اختلاف مدارك المسألتين والأقوال فيهما لإمكان القول بخروجه عن محلّ النزاع في مسألة الاستصحاب كما احتمله بعضهم بل لأنّ الجهة المبحوث عنها في البراءة تباين
__________________
(١) « ج » : بالظاهرية.
(٢) « س » : استعمالهم كقوله.
(٣) « م » : هي.
(٤) « م » : منه.
(٥) الفصول : ٣٥١.
(٦) « م » : التكليف.
(٧) الفصول : ٣٥١.