التفصيلي ولو لم نقل بلزوم دفع الضرر المحتمل كما هو المناط في القاعدة المذكورة ، وعند الشكّ في بقاء الأمر وارتفاعه يستصحب الأمر ، فيصير معلوما تفصيلا (١) بالعلم الشرعي ، فيجب ترتيب آثار المتيقّن (٢) عليه من لزوم الإطاعة والامتثال ، وهذا الحكم إنّما هو من آثار بقاء الأمر والاشتغال ولا مدخل لحدوثه فيه ، فإنّه لو فرض عدم البقاء ، لا يجب الإتيان والامتثال.
قلنا : فرق ظاهر بين ما ذكر وبين ما نحن بصدده ، فإنّ الكلام يقع تارة فيما إذا علم التكليف (٣) وشكّ في الإتيان بالمكلّف به الذي هو معلوم تفصيلا ـ كما إذا أمر المولى بالصلاة مثلا وشكّ في إتيانها في وقتها ـ وأخرى فيما إذا شكّ في أنّ المكلّف به أيّ فعل من الأفعال المردّدة مثلا ، وما ذكر (٤) إنّما يتمّ في المقام الأوّل ، وليس هناك ممّا يجري فيه قاعدة الاحتياط والاشتغال بل هو مجرى الاستصحاب ولا غائلة فيه لثبوت أحكام المتيقّن عند الاستصحاب على ما فرضه و (٥) كما هو المطلوب بالاستصحاب في مجاريه بخلاف المقام الثاني كما هو محلّ الكلام في المقام ، فإنّه من مجاري الاشتغال ، والاستصحاب فيها (٦) ممّا لا يجدي بعد عدم القول بوجوب دفع الضرر المحتمل ولزوم تحصيل العلم عند الشكّ في الفراغ ، فإنّ وجوب الصلاة في الجهات التي لم (٧) يقع فيها الصلاة ليس ممّا يترتّب على استصحاب الاشتغال كما لا يخفى.
وتوضيحه : أنّ المكلّف بعد ما شكّ في المكلّف به فإمّا أن يقال بسقوط التكليف في حقّه كما يراه بعضهم ، وإمّا أن يقال ببقائه حال الجهل أيضا ، لا كلام على الأوّل ، وعلى الثاني فالحكم بالإتيان بجميع المحتملات ابتداء وفي أثناء العمل ممّا لا يجدي فيه الاستناد إلى الاستصحاب.
__________________
(١) « ج » : تفصيليا.
(٢) « س » : المتّفق.
(٣) « س » : بالتكليف.
(٤) « ج ، م » : ذكره.
(٥) « ج » : ـ و.
(٦) « ج » : فهذا. « س » : فهما.
(٧) « ج » : ـ لم.