احتمال وإمّا أن يحتمل العقاب على ترك الاحتياط الذي هو المبيّن بالعقل ، وهو أيضا فاسد إذ القول بقطع العقل بعدم العقاب على تلك التكاليف التي لا بيان عليها هو عين الالتزام بعدم (١) هذا الاحتمال أيضا فإنّه على ما عرفت هو فرع الأوّل ، وبعد القطع بعدم الأصل لا وجه لاحتمال الفرع.
فإن قلت : إنّ مجرى الأصل على ما مرّ في موضوع الشكّ وهو ينافي دعوى القطع بعدم العقاب.
قلت : إنّ القطع بعدم العقاب إنّما هو بعد ملاحظة قبح العقاب بلا بيان وحكمته تعالى ، وذلك ظاهر في الغاية.
هذا إذا كان المراد بالضرر الأخرويّ منه ، وأمّا إذا كان المراد منه الدنيويّ أو ما لا يرجع إلى العقاب على تقديره في الآخرة كأن احتمل عند الشكّ في وجوب قراءة الدعاء رمد العين (٢) مثلا و (٣) نحوه ، فلو كان مظنونا ، فلا بدّ من الاجتناب عنه لما مرّ في محلّه من حجّية الظنّ في الضرر لانسداد باب العلم فيه ، وإلاّ فهو إنّما يرجع إلى الشبهة في الموضوع الخارجي ؛ إذ العقل يحكم بحرمة الارتكاب فيما فيه ضرر قطعا ولا ترديد له في هذا الحكم بوجه ، وإنّما يشكّ (٤) في أنّ الفعل الفلاني هل يوجب (٥) ذلك ، أو لا كما إذا شكّ في أنّ هذا المائع الفلانيّ خمر ، أو خلّ فإنّ المدار في تميّز ذلك ظاهر كما لا يخفى على المتدرّب (٦) في كلماتهم.
وممّا يؤيّد ذلك أنّ الشبهة الحكمية لا بدّ في رفع الشبهة فيها من الرجوع إلى الأدلّة الشرعية بخلاف الشبهة الموضوعية فإنّ منشأ الشكّ فيها هو الاشتباه في الأمور الخارجة ، فلا بدّ في رفعها من الرجوع إليها ولا ينافيه بيان الشارع في بعض الموارد على ما هو ظاهر.
__________________
(١) « س » : لعدم.
(٢) « ج » : + على العقلاء.
(٣) « م » : أو.
(٤) « م » : الشكّ.
(٥) « م » : يوجبه.
(٦) « ج » : المتدبّر.