وبالجملة ، فالضرر لو كان أخرويا عقابيا ، فقد مرّ أنّه يقبح عند عدم البيان بل الثواب أيضا كذلك (١) اللهمّ لتفضيل (٢) خارج عن الاستحقاق ولو كان دنيويا ، فمرجعه إلى الشبهة الموضوعية وسيجيء الكلام فيه في الأصول الآتية (٣).
ثمّ إنّه هل يحكم بالاستحباب فيما إذا دار الأمر بين الوجوب وغير التحريم بصورها ، أو لا بعد القول بعدم الوجوب؟ لا بدّ لتحقيق الكلام فيه من تفصيل في المقام ليتّضح (٤) به المرام فنقول :
أمّا إذا دار الأمر بين الوجوب والإباحة ، فيمكن القول بالاستحباب لأدلّة الاحتياط ، ولأخبار التسامح ولو في بعض موارده ، فإنّ بعض (٥) الآخر منه ممّا لا يحتمل فيه تلك الأخبار كما إذا ورد نصّ مجمل (٦) يحتمل الوجوب والاستحباب فإنّه يحكم بالاستحباب للاحتياط لا للتسامح ؛ لعدم صدق البلوغ المعتبر في أخباره ولا سيّما فيما إذا لم يكن المسألة معنونة في كلامهم.
وأمّا ما يتوهّم من اتّحادهما ؛ لأول الثاني إلى الأوّل ، فليس بسديد ؛ لأنّ الاحتياط إنّما يفيد الاستحباب الغيري تحصيلا لمطلوب المولى ومحبوبه ، ولا ينافيه عدم الدليل على وجوبه ، فإنّ المحبوبية تغاير الوجوب الفعلي المنفيّ بالأصل ، والتسامح إنّما يفيد الاستحباب النفسي ؛ فإنّ الثواب المترتّب عليه ـ كما هو صريح أخباره ـ هو الثواب المترتّب على ذلك الشيء بخلاف الاحتياط ، فإنّه من قبيل الانقياد ، ولا ينافي ما قلنا عدم احتمال الاستحباب ـ كما هو المفروض من دوران الأمر بين الوجوب والإباحة ـ إذ الاستحباب الواقعي ـ الذي هو من آثار (٧) المصالح الكامنة في ذات الشيء مع قطع النظر عن هذا اللحاظ ـ قطعي العدم.
__________________
(١) « س » : ذلك.
(٢) « ج » : لتفضّل.
(٣) « س » : ـ الآتية.
(٤) « س » : فيتّضح.
(٥) كذا. والصواب : البعض.
(٦) « ج ، م » : محتمل.
(٧) « س » : ـ آثار.