وأمّا الاستحباب ولو بملاحظة هذا الاعتبار ، فهو قطعي كما لا يخفى.
وأمّا إذا دار الأمر بين الوجوب والاستحباب ، فيمكن القول بالاستحباب أيضا من وجهين :
الأوّل : أخبار الاحتياط (١) الآتية على ما سيجيء تفاصيلها.
الثاني : أنّ رجحان الفعل حينئذ قطعي وهو يكفي في أولوية الفعل ، وهذا وإن لم يكن من الاستحباب المصطلح فإنّه أحد الأحكام الخمسة ولا بدّ في تحقّقه (٢) من تحقّق (٣) جنسه وفصله كليهما ، ومجرّد ثبوت الرجحان الذي هو الجنس القدر المشترك بينه وبين الوجوب لا يقضي (٤) بوجود فصله وإن كان فصل الوجوب منفيّا (٥) بالأصل إلاّ أنّه يكفي في أولوية الفعل كما لا يخفى.
وأمّا ما قد يتوهّم من أنّ الاستحباب في المقام استحباب ظاهري ، فهو كلام ظاهري لا محصّل له بعد ما عرفت من لزوم تحقّق الفصل في تحقّق النوع ، وعدم كفاية الجنس فقط ، على أنّ الحكم الظاهري إنّما هو في موضوع الشكّ ، ولا شكّ في انتفائه في المقام ، فعلى ما ذكرنا لا نحكم بترتّب آثار الاستحباب عليه ، كما لا نحكم بترتّب آثار الوجوب عليه ، فبالحقيقة (٦) نحكم (٧) بعدم الاستحباب والوجوب معا ، وإنّما الفعل في مقام الظاهر بالنسبة إلى المكلّف كأفعال الصبيّ من جهة الفعل (٨) لا يحسن (٩) ، فإنّ الرجحان قطعي ، وذلك ظاهر لا سترة عليه.
ومن هنا يظهر عدم اتّجاه الاستناد إلى الأخبار الواردة في مقام التسامح ؛ إذ لا محلّ لها بعد القطع بالثواب.
__________________
(١) « س » : قطع أخبار الآحاد!
(٢) المثبت من هامش « س » وفي النسخ : تحقيقه.
(٣) « م » : تحقيق.
(٤) « ج » : لا تقضى.
(٥) « ج » : منتفيا.
(٦) « ج » : فبتحقيقه.
(٧) « ج ، م » : يحكم.
(٨) « س » : ـ الفعل.
(٩) « ج » : ـ من جهة الفعل يحسن.