الخلق ما لم ينطقوا (١) بشفة » (٢).
والتقريب : أنّ الحرمة المشتبهة ممّا لا نعلمها وقد رفع عن تلك الأمّة المرحومة المؤاخذة عمّا لا يعلمون والعقاب عليه وهو المطلوب.
وربّما يشكل الاستناد إلى الرواية من حيث إنّ (٣) ظاهر السياق إرادة الموضوع والفعل من الموصول كما في « ما استكرهوا عليه » و « ما لا يطيقون » و « ما اضطرّوا إليه » فإنّ المراد منه الفعل المستكره عليه والفعل الذي لا يطيقونه ، فالمعنى رفع عن أمّتي الفعل والموضوع الذي لا يعلمونه على حذو (٤) سائر الفقرات إلاّ أنّه يمكن أن يقال : أن ليس المراد ممّا لا يعلمون نفس الفعل وحقيقته فإنّه لا يترتّب على ذات الفعل والعلم بها حكم شرعي ، فلا بدّ من تقدير كأن يقال : إنّه رفع عن أمّتي المؤاخذة على فعل ما (٥) لم يعلم حكمه ، ولا ينافي السياق أيضا إذ السياق لا يزيد حكمه على اعتبار الموصول كناية عن الفعل ، ولا بدّ من تقدير الحكم ليصحّ الرفع ، فإنّ ما للشارع أن يضعه له أن يرفعه في مقام التشريع ، وليس إلاّ الحكم المتعلّق بالأفعال ، فعدم العلم بحكمها ممّا قد منّ الله تبارك وتعالى برفع العقاب عنه وهو أعمّ من أن يكون بحسب أصل الشريعة كما في الشبهة الحكمية أو بواسطة أمر خارجي كما في الشبهة الموضوعية. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الظاهر اختصاص الرواية بالشبهة في الموضوع وهو في محلّ من المنع ، فتأمّل.
فإن قلت : المراد بما لا يعلمون إن كان مطلق العلم تفصيليا كان أو إجماليا ، فلا امتنان لاشتراط التكليف عقلا بالعلم على وجه يستحيل خلافه وهذا حكم يعمّ سائر الأمم ، فلا يختصّ تلك الأمّة المرحومة بالعفو عنه ـ كما هو ظاهر الرواية ـ والامتنان
__________________
(١) في المصدر : لم ينطق وفي الوسائل كما في المتن.
(٢) التوحيد : ٣٥٣ ، باب ٥٦ ، ح ٢٤ ورواه أيضا في الخصال : ٤١٧ ، باب التسعة ، ح ٩ ، وعنهما في الوسائل ١٥ : ٣٦٩ ، باب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، ح ١ ، وسيجيء في ص ٥٢٨ و ٥٥٣.
(٣) « س » : ـ إنّ.
(٤) « س » : حدّ.
(٥) « ج ، س » : ـ ما.