الحمل على مطلق الرجحان كما يشاهد من سياقه أيضا ، ويشعرك (١) به أيضا قوله : « ليس بناكب عن (٢) الصراط من سلك سبيل الاحتياط » (٣). وهذا القدر أمر معلوم بديهي لا مجال للكلام فيه ، ولو سلّم دلالتها بعد سلامة سندها ، فهي معارضة ببعض أدلّة البراءة فيتعارضان ، ولا مجال للتخيير بينهما فتساقطان ، ولا بدّ من الرجوع إلى دليل ثالث.
وتوضيح ذلك : أنّ أدلّة البراءة على أقسام :
منها : العقل والإجماع المحصّل الحاكمين بعدم التكليف عند عدم البيان ، ولا خفاء في (٤) أنّه لا قبح فيه على تقدير البيان ولو بالاحتياط ، فتلك الأخبار ترتفع موضوع (٥) حكم العقل والإجماع.
ومنها : الأخبار المطابقة لحكم العقل والمساوقة لمعقد (٦) الإجماع كقوله : « الناس في سعة ما لم يعلموا » (٧) ، ولا ريب في ورود أخبار الاحتياط عليها لأنّها مفيدة للعلم في مورد الشبهة.
ومنها : ما هو أعمّ من ذلك أيضا كقوله : « أيّما امرئ ركب بجهالة أمرا فليس عليه شيء » (٨) وقوله : « لا » في جواب هل على من لم يعرف شيئا شيء (٩)؟ فإنّ موضوع
__________________
(١) « ج ، س » : يشعر.
(٢) « ج ، م » : على.
(٣) أورده عن الشهيد أيضا البحراني في الحدائق ١ : ٦٧ قال : وما روي عنهم عليهمالسلام : ليس بناكب ... وورد في بعض الإجازات من دون إسناد إلى الإمام انظر بحار الأنوار ١٠٥ : ١٢ و ١٨٣ و ١٨٧. وأورد في الذكرى ٢ : ٤٤٤ وفي ط الحجري : ١٣٨ : من اتّقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، وعنه في الوسائل ٢٧ : ١٧٣ ، باب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، ح ٦٥.
(٤) « م » : ـ في.
(٥) « س » : يقع موضع!
(٦) « ج » : لعقد!
(٧) تقدّم في ص ١٥٨ و ٣٥٥.
(٨) الوسائل ١٢ : ٤٨٨ ـ ٤٨٩ ، باب ٤٥ من أبواب تروك الإحرام ، ح ٣ ، و ١٣ : ١٥٨ ، باب ٨ من أبواب بقية كفّارات الإحرام ، ح ٣ وفيه : أيّ رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه.
(٩) الكافى ١ : ١٦٤ ، باب حجج الله على خلقه ، ح ٢ ؛ التوحيد للصدوق : ٤١٢ ، باب ٦٤ ، ح ٨.