مضافا إلى أنّ القسمة حينئذ (١) ينبغي أن لا تكون ثلاثية بل ثنائية إذ احتمال كون ما لا يعلم أنّه من المجمع عليه أو من خلافه مشتبها كما احتمله بعض الأجلّة ممّا لا يعقل بعد ما عرفت معنى الإجماع والشهرة في المقام كما لا يخفى ، فالروايات على أقسام ثلاثة : ما يعلم بصحّته وهو المجمع عليه ، وما يعلم بفساده وهو ما ظهر كذبه ، وما لا يعلم بصدقه وصحّته وفساده وكذبه وهو الشاذّ النادر الذي أمر الإمام عليهالسلام بتركه.
لا يقال : فبعد ما أمر الإمام عليهالسلام بتركه (٢) فهو من باب معلوم الغيّ فيرجع القسمة ثنائية.
لأنّا نقول : إنّ بالأمر صار معلوم الغيّ وظاهر البطلان والكلام مع قطع النظر عن الأمر بالترك ، وبعد ما ظهر أنّ الشاذّ الذي يجب تركه والأخذ بالمجمع عليه في قباله هو ما فيه الريب لا ما علم ببطلانه ، فظهر (٣) أنّ كلّ ما فيه ريب كشرب التتن يجب تركه لعموم التعليل.
فإن قلت : الكلام في المقام إنّما هو في الشبهات الحكمية ، ولزوم طرح الأخبار الشاذّة لا دخل له فيما نحن بصدده ، لكونها من الشبهات الموضوعية ، إذ مرجع الشكّ إلى أنّ الصادر من الإمام أيّ من الخبرين المتعارضين وهي شبهة موضوعية ولا ينبغي قياس ما نحن فيه بما لا ربط له به.
قلت : نعم ، ولكنّ الشكّ في الصدور حقيقة يلازم الشكّ في نفس الحكم الشرعي المشتمل عليه الحديثان المتعارضان كما يظهر من ملاحظة قوله عليهالسلام : « وأمر مشكل يردّ علمه إلى الله ورسوله » فإنّ الشكّ في الشبهة الموضوعية إنّما يرتفع بارتفاع أسبابه من الأمور الخارجية ولا يناط إلى بيان الشارع حكمه (٤) بخلاف الشبهات الحكمية فإنّ معيار التمييز (٥) بينهما إلى أنّ الرافع للشكّ في الموضوع هو الرجوع إلى الأمور الخارجية ،
__________________
(١) « ج » : ـ حينئذ.
(٢) « م » : تركه.
(٣) « م » : يظهر.
(٤) « ج » : وحكمه.
(٥) في النسخ : التميّز.