وفي الحكم إلى الأدلّة الشرعية ، فالردّ إلى الله في بيان حكم المشتبه يدلّ على أنّ المشكوك هو الحكم لا الغير.
فإن قلت : لا نسلّم وجوب ردّ حكم المشتبه إلى الله وإلى رسوله بل غاية ما هناك هو أولويته واستحبابه لعدم ما يدلّ عليه صراحة.
قلت : قد عرفت أنّ تثليث الأمور وتقسيمها إلى ما هو بيّن الرشد وإلى ما هو بيّن الغيّ وإلى أمر مشكل إنّما هو في مقام الأخذ بالمرجّحات في الأخبار المتعارضة ، ولا ريب أنّ العمل بوجوه التراجيح وترك ما لا يشتمل عليها واجب ، فحمل الأمر المستفاد من « يردّ » و « يترك » على غير الوجوب ممّا ينافي مورد الرواية ، فظهر من جميع ما مرّ أنّ استشهاد الإمام عليهالسلام بكلام الرسول صلىاللهعليهوآله أيضا ليس إلاّ من الجهة التي تقرب إلى الاستدلال بكلامه صلىاللهعليهوآله ، فلا بدّ من حمله أيضا على الوجوب كما هو ظاهره لئلاّ يخالف مورد الكلام فوجوه الدلالة في الرواية ثلاثة :
أحدها : لزوم طرح كلّ ما فيه ريب المستفاد من قوله : « فإنّ المجمع عليه لا ريب ».
وثانيها : تثليث الإمام عليهالسلام الأمور وتقسيمها إلى ما هو بيّن الرشد وبيّن الغيّ ، وإلى ما هو مشكل يردّ علمه إلى الله وإلى رسوله.
وثالثها : كلام النبيّ صلىاللهعليهوآله فإنّ ملاحظة ورود التثليث والاستشهاد في هذا المقام الخاصّ يقتضي حمل الأمر المستفاد فيهما (١) على الوجوب وهو المطلوب.
فإن قلت : الرواية ليست ممّا يصحّ الاستناد إليها باعتبار جهالة حال عمر بن حنظلة واشتمال السند على داود بن حصين.
قلنا : نعم ، ولكنّها مقبولة عند الأصحاب مع اشتمال السند على صفوان الذي أجمع الكلّ على تصحيح ما يصحّ عنه ، وأمّا داود ، فقد وثّقه النجاشي (٢).
فإن قلت : إنّ معنى الردّ إلى الله ورسوله هو الكفّ عنه وبعد لزوم الأخذ بالرواية
__________________
(١) « س » : منها.
(٢) رجال النجاشي ١٥٩ / ٤٢١.