المشهورة لا يتحقّق هناك إلاّ طرح الشاذّ وهو ليس من الكفّ في شيء.
قلت : الكفّ إنّما هو في مقام الصدور وعدمه وبالنسبة إلى الحكم المشتمل عليه الرواية الشاذّة ، والطرح في مقام العمل ليس بضائر فيه فلا منافاة.
وإذ قد تقرّر هذا (١) فاعلم لا بدّ لنا من بيان عدم دلالة الحديث على الاحتياط اللازم بشيء من الوجوه الثلاثة :
أمّا (٢) الكلام في الاستشهاد ، فنقول أوّلا : معنى قوله : « وشبهات بين ذلك » يحتمل وجهين :
أحدهما : البيّنة الخارجية كأن يكون الشيء في الخارج بين حلال وحرام بمعنى اشتماله على كلا النوعين.
وثانيهما : البيّنة الذهنية العقلية (٣) على وجه يكون الشيء في الذهن وعند العقل ممّا يحتمل (٤) أن يكون حلالا أو حراما محكوما عليه بأحد العنوانين على وجه الترديد.
ويمكن تعميم الثاني للأوّل أيضا ، فلا وجه لإرادة الأوّل لاستلزامه أن لا يكون القسمة النبوية حاصرة (٥) لخروج الثاني منه كما لا يخفى.
وقوله : « فمن أخذ الشبهات ارتكب المحرّمات » يحتمل وجوها :
أحدها : أن يكون الملازمة بين الأخذ بالشبهات وارتكاب المحرّمات واقعية من حيث علمه صلىاللهعليهوآله بالواقع واطّلاعه على السرائر.
وثانيها : أن يكون الملازمة عادية بمعنى أنّ الآخذ بها يعلم علما عاديا بارتكابه بالمحرّمات من حيث كثرة المشتبهات وحصول العلم الإجمالي بحرمة جملة منها في الواقع فارتكاب الشبهة لا يكاد ينفكّ عن ارتكاب المحرّم في العادة.
وثالثها : أن يكون المراد بها الملازمة المجازية على نحو قوله : من قتل قتيلا من حيث
__________________
(١) « س » : هذه.
(٢) « س » : وأمّا.
(٣) سقط قوله : « كأن يكون الشيء ... » إلى هنا من نسخة « س ».
(٤) « س » : لا يحتمل!
(٥) « م » : غير حاصرة.