مشارفة الآخذ بالشبهة إلى الوقوع في المحرّم.
ورابعها : أن يكون المراد بالملازمة على حدّ قولهم من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
والفرق بين الأخيرين أنّ في الأوّل منهما مخالفة الوقوع في المحرّمات المجهولة ، وفي الثاني مخافة الوقوع في المحرّمات المعلومة من حيث إنّ ارتكاب الشبهة يورث خبثا في الباطن ورذالة في النفس على وجه لا يبالي (١) ارتكاب المحرّم (٢) المعلوم.
لا خفاء في أنّ في حمل الرواية على المعنيين الأخيرين ليس دلالة على مطلوب الخصم بوجه إذ أقصى ما يتوهّم هناك هو رجحان الترك في الشبهات كما في الموضوعات مثل أكل أطعمة الظلاّم وأخذ أموال العشّار فإنّه لإيراثه قساوة في القلب على وجه يقع صاحبها في المحرّم الآخر أو في الحرام المجهول فيها لا حرمة فيها كما لا يخفى.
وأمّا المعنى الأوّل ، فلا يصحّ حمل الحديث عليه لاستلزامه الكذب لاحتمال اختلاف الشبهات بالنسبة إلى الأشخاص ، فربّ شبهة لواحد يكون بيّنة لآخر ، فيحتمل أن يكون هناك شخص له وقائع مشتبهة كلّها حلال في الواقع ، فلا ملازمة في الواقع بين الأخذ بها وارتكابها.
نعم ، لو كانت الموارد المشتبهة متّحدة بالنسبة إلى الكلّ في كلّ موضع ، صحّ دعوى ذلك كما لا يخفى ، فتعيّن (٣) أن يكون المراد بالملازمة هي الملازمة العاديّة من حيث ارتكاب الشبهة ، والأخذ بها يوجب العلم العادي بارتكاب المحرّمات المجهولة فيها من جهة (٤) كثرة الموارد المشتبهة ، وحينئذ فلا بدّ إمّا من القول بارتكاب الشبهة في الأحكام والموضوعات يوجب العلم أو بانضمام موارد الظنون أو باعتبار الموارد التي لا فحص
__________________
(١) « س » : لا تأبى.
(٢) « ج » : المحرّمات.
(٣) « س » : فيتعيّن.
(٤) « م » : ـ جهة.