قبل العلم بلزوم الطرح ، وإلاّ لكان المشهور أيضا من الأمر المشكل مع أنّه لا يتوهّمه أحد ، فظهر (١) أنّ الرواية الشاذّة ليست من الأمر المشكل في شيء.
فإن قلت : إنّ وجود الريب في الرواية لا يبتني على المعارضة كسائر وجوه التراجيح بل وفيها الريب ولو قطع النظر عنها ، وهذا موهن وعدمه مرجّح للخبر المشهور ، ولو سلّم فجملة من المرجّحات كالأقوائية والأظهرية ونحوهما (٢) ممّا لا يتعقّل لا (٣) مضافا إلى الغير ، فلا نسلّم كون المرجّح للرواية ثابتا في نفس الرواية مع قطع النظر عن التعارض.
قلت : ليس وجود الريب مطلقا موهنا ، وإلاّ لم يصحّ التعويل على المشهور أيضا كما عرفت.
وأمّا الأقوائية والأظهرية ، فالمرجّح في الحقيقة هي المرتبة الخاصّة من الظهور والقوّة الثابتة في نفس الأمر إلاّ أنّ إطلاق اللفظ عليه على صيغة اسم التفضيل لا يصحّ إلاّ بعد ملاحظة (٤) تلك المرتبة مضافا إلى غيرها أيضا كما لا يخفى.
وبالجملة ، فكون الرواية من الأمر المشكل أمر مشكل بل (٥) بيّن البطلان والغيّ ، فلا مناص من حمل التثليث كالاستشهاد على مجرّد التقريب وبيان المناسبة ، وإلاّ فكيف يتصوّر انطباق الأمور الثلاثة على الروايات تحقيقا ، فظهر أنّه لا فرق بين الروايات الآمرة بالتوقّف في غير خبر التثليث ، وبين هذه الفقرة من هذه الرواية ، فنقول في الجواب :
أمّا أوّلا : إنّ بعد إعمال البراءة في الأمر المشتبه لا إشكال كما أنّه لا إشكال في الموضوعات بعد جريان البراءة فيها على ما هو المتّفق عليه بين الأصولية والأخبارية ، فبالجملة فكما أنّ أدلّة الأصول استصحابا وبراءة واردة على أدلّة القرعة
__________________
(١) « س » : + أنّه.
(٢) « م » : نحوها.
(٣) « س » : ـ لا.
(٤) « م » : ملاحظته.
(٥) « م » : ـ بل.