يخالفهما (١) في الظاهر فمرجع الشكّ إلى الشخص ، وقد عرفت أنّ الغلبة بخلافها.
وثانيا : بعد الغضّ عن جميع ذلك لا دليل على اعتبار الغلبة مطلقا ولا سيّما بعد تلك الإطلاقات على ما هو مذاقهم كما لا يخفى.
وإن أرادوا أنّ الشارع إنّما حكم بانحصار المحلّل في عناوين خاصّة في أدلّة مخصوصة وسكت عن حال المحرّمات ومثل ذلك يعدّ في العرف من حصر المحرّمات فيما عدا المحرّم وإن لم يصرّح بالحصر كما أنّه حصر الحلال من الحيوانات البحرية في السمك ، ومنه فيما له فلس ، ومن الطيور فيما له حوصلة أو صيصة (٢) ونحو ذلك ، فلو سلّم استفادة الحصر من ذلك ، فلا يجدي فيما نحن بصدده من الحيوانات البرّية لفقدان مثله فيه.
وقد يستند في ذلك إلى السيرة فإنّا نراهم لا يعوّلون على أصالة الحلّ والبراءة في اللحوم والحيوانات ، ولذلك يبادرون بالسؤال عنها ، ولا يجوّزون من أنفسهم ارتكاب (٣) أكلها إلاّ بعد العلم بالحلّ.
وفيه : أنّ ذلك لعلّه إنّما بواسطة لزوم الفحص في مورد الأصل ولا ينكره أحد فإنّه لا مناص منه.
وأمّا ما يقال : من أنّ الفحص كما يجب في اللحوم فكذلك يجب في غيرها كما في البقول مثلا ، ومع ذلك يظهر منهم فيها من الجدّ والجهد ما لا يظهر فيها كما يظهر بالرجوع إلى ديدنهم فلعلّه يستند إلى كثرة المحرّمات فيها دون غيرها ، فلو فرضنا مثل ذلك في البقول ، لقلنا بمثله فيها أيضا على ما لا يخفى إلاّ أنّ الإنصاف أنّ اللحوم بعد لا يخلو من شيء ، فتدبّر.
__________________
(١) « م » : مخالفهما.
(٢) هذا هو الصواب وفي النسخ : سيسة. والصيصة والصيصية : مخلب الديك الذي في ساقه. ( المعجم الوسيط : ٥٣١ ).
(٣) « س » : ـ ارتكاب.