عدم جواز الإفتاء (١) بغير ما أنزل الله به في المقام.
وأمّا إذا كان القول بالفصل ينافي القولين في العمل أيضا كأن يفتي المجتهد مثلا في الظهر والجمعة بعدم وجوبه ، فالأدلّة الناهية عن الفتوى بغير ما أنزل الله به قائمة فيه ، ولا يجوز قطعا ، ويحتمل حمل كلامه على جوازه فيما لو كان أحدهما موافقا للأصل وإن كان بعيدا في الغاية ، وغريبا في النهاية.
وأمّا ما ذكروه في كتاب الصلح ، فهو لو اقتضى ما ذكر ، فلا بدّ من القول بالصلح القهري بينهما بمعنى أنّ الشارع قد تعبّدنا بالحكم بالتنصيف بينهما على وجه يكون ذلك سببا لإدخال ملك الغير في ملكه حسما لمادّة النزاع ؛ ومن هنا يظهر الوجه في مسائل التداعي أيضا.
وأمّا مسألة التحالف ، فإن قلنا بأنّ التحالف يوجب فسخ العقد ، فالأمر واضح لكنّه شاذّ جدّا ، وإلاّ فلا بدّ من أن يكون التصرّف فيه من جهة التقاصّ إلاّ أنّه يشكل فيما يزيد قيمة الثمن أو المثمن عن الآخر ؛ فإنّ قضيّة التقاصّ جواز التصرّف في ملك (٢) الغير على قدر ماله لا فيما يزيد عليه.
فنقول حينئذ : إن قام الإجماع على إمضاء الشارع تصرّف أحدهما في مال الآخر مطلقا ، فلا إشكال أيضا ؛ لجواز أن يجعل الشارع ما يزيد عوضا عمّا ينقص ؛ لحكمة تقتضيه ، وإلاّ فلا بدّ من القول بوجوب الدّس في ماله على ما يزيد عن (٣) ماله.
وإذا عرفت ما تقدّم من الأمرين ، فاعلم أنّ المخالفة القطعية في العلم الإجمالي على قسمين :
أحدهما : أن يخالف ما علم استقرار فتواهم عليه وإن لم يلازم المخالفة في العمل على حذو ما قرّره فيما نقل عن العلاّمة من جواز الخرق في الإجماع المركّب ، ولا فرق
__________________
(١) « ل » : الإنشاء؟
(٢) « ش » : مال.
(٣) « ل » : في.