وقد يستشكل في كون المذكور مثالا لما نحن فيه لاحتمال أن يكون القبلة (١) واستقبالها من الشروط العلمية ، فعند عدم العلم لا يكون الاستقبال واجبا كما في الذبح فإنّ التخيير بين الجهات حينئذ ليس تخييرا شرعيا ، فالأولى التمثيل بالصلاة الفائتة من الصلوات الخمس عند اشتباهها ، فإنّ التكليف الوجوبي معلوم ، والشكّ إنّما هو (٢) في المكلّف به وفي تعيين الواجب منها.
لا يقال : إنّ الأمر دائر بين المحذورين في المقام لاحتمال التشريع وهو إتيان الصلاة لا على جهة القبلة الواقعية.
لأنّا نقول : ليس الكلام في الحرمة التشريعية إذ بعد حكم العقل بلزوم الاحتياط يرتفع موضوعه بل في الحرمة الشرعية ولا احتمال لها في أمثال المقام كما لا يخفى.
ثمّ إنّ هاهنا مقامين :
أحدهما : أنّ بعد اشتباه موضوع الحكم هل يجوز المخالفة القطعية بطرح جميع المحتملات ، أو لا؟
وثانيهما : أنّ بعد القول بعدم جواز (٣) المخالفة القطعية فاللازم تحصيل الموافقة القطعية ، أو يكفي الموافقة الاحتمالية؟ ففي المقام الأوّل لو قلنا بجواز المخالفة يجوز ترك الصلاة في جميع الجهات ، وفي المقام الثاني لو قلنا بوجوب تحصيل الموافقة القطعية لا بدّ من الإتيان بجميع المحتملات تحصيلا للواقع ، ولو قلنا بعدم وجوبه وكفاية الموافقة الاحتمالية ، يكفي بالصلاة في جهة واحدة.
أمّا الكلام في المقام الأوّل ، فالظاهر أنّه لم يذهب وهم إلى جواز المخالفة القطعية بل الكلّ مطبقون على تحصيل الموافقة ولو احتمالا.
وأمّا المقام الثاني ، ففيه خلاف يظهر من بعض الأواخر (٤) في نظير المقام عدم
__________________
(١) سقط قوله : « معلوم وإنّما ... » إلى هنا من نسخة « س ».
(٢) « س ، م » : ـ هو.
(٣) « س » : جوازه.
(٤) والظاهر أنّه المجلسي في الأربعين حديثا : ٥٨٢.