زيد المردّد في أشخاص معلومة لا يمكن عقلا إكرام واحد معلوم منهم ، فالظاهر أنّ الحكم هو البراءة لرجوع الشكّ حينئذ إلى الشكّ في التكليف فإنّ بعد إسقاط واحد منهم يحتمل أن يكون هو الواقع ، فلا تكليف لعدم القدرة عليه ، ويحتمل أن يكون هو غيره فيبقى التكليف بحاله ، فبالحقيقة الشكّ إنّما هو في أصل التكليف وقد عرفت فيما تقدّم حكومة البراءة في مقام الشكّ في التكليف سواء كانت الشبهة بدوية عن أصلها أو راجعة إليها كما فيما نحن فيه وذلك ظاهر.
ولو كان المانع عقليا لكن في فرد لا بعينها (١) فلا تكليف فيه أيضا ، إذ لا دليل على الاحتياط ولزوم الإتيان بجميع المحتملات سوى دليل الواقع والعلم بتعلّق التكليف الحقيقي الواقعي على الموضوع الواقعي ، ولذلك قلنا برجوع سائر وجوه (٢) الأدلّة : من لزوم دفع الضرر ، ووجوب مقدّمة الواجب ، وقاعدة الاشتغال ، ونحوها إليه ، ويمتنع تعلّق الخطاب والتكليف بالمكلّف في الواقع فيما لا يمكن للمكلّف قصد الفعل على العنوان الذي قد أمر به فإنّ من شروط التكليف تمكّن المكلّف من قصد الامتثال وإرادة عنوان المأمور به على وجه يستند إلى اختياره من حيث إنّه مأمور به ، وفيما لو كان الممتنع جهة لا بعينها (٣) لا يمكن قصد عنوان الفعل والامتثال به لعدم العلم به لا تفصيلا ولا إجمالا.
أمّا الأوّل ، فظاهر.
وأمّا الثاني ، فلأنّ الواقع فيما لو اشتبه بعدّة أفراد امتنع فرد منها لا بعينها (٤) لا يعلم المكلّف بوقوعه في مقدوراته لاختلاف وجوه مقدوراته (٥) باختلاف اختياراته ، فمرّة يختار الأفراد التي لا يقع فيها الواقع ، وأخرى يختار ما يقع فيها ، فالواقع لو حصل فهو إنّما لضرب من الاتّفاق ، فيكون خارجا عن تحت القدرة ، فلا يكون متعلّقا للأمر فإنّه
__________________
(١) « م » : لا يعيّنها. كذا ضبط فيها.
(٢) « س » : ـ وجوه.
(٣) « م » : لا يعيّنها. كذا ضبط فيها.
(٤) « م » : لا يعيّنها. كذا ضبط فيها.
(٥) « س » : ـ لاختلاف وجوه مقدراته.